وأخرج النسائي قوله (عليه السلام): عبدت الله قبل أن يعبده أحد من هذه الأمة تسع سنين (1).
وقال ابن أبي الحديد: وإن كان قد ورد في كلامه إنه صلى سبع سنين قبل الناس كلهم، فإنما يعني ما بين الثمان والخمس عشرة. ولم يكن حينئذ دعوة، ولا رسالة، ولا ادعاء نبوة، وإنما كان رسول الله (صلى الله عليه وآله) يتعبد على ملة إبراهيم (عليه السلام) ودين الحنيفية، ويتحنث، ويجانب الناس، ويعتزل ويطلب الخلوة، وينقطع في جبل حراء، وكان علي (عليه السلام) معه كالتابع والتلميذ (2).
أقول: إن تفسير ابن أبي الحديد وبيانه كلام أمير المؤمنين (عليه السلام) صحيح بشكل عام، ولكن ادعائه بأن النبي (صلى الله عليه وآله) كان قبل بعثته يتعبد على دين إبراهيم (عليه السلام) مردود من وجهة نظر علماء الشيعة الذين يعتقدون أن الرسول (صلى الله عليه وآله) كان يتعبد على دين الإسلام، الذي جاء به فيما بعد، إلا إنه لم يؤمر بتبليغ تلك الأحكام إلى الناس حتى بلغ الأربعين من عمره.
أخلاق النبي (صلى الله عليه وآله):
كل ما تقدم، كان البحث في مؤهلات النبي (صلى الله عليه وآله) وكفاءته لتلقي الوحي والرسالة، منذ أن كان طفلا، ونبحث هنا في المؤهلات الأكثر أرضية لذلك، والتي هيأت الرسول (صلى الله عليه وآله) لكسب الفضائل والصفات، والمراتب العالية من الخلق الإنسانية.
ونذكر نبذا من أخلاق النبي العظيمة على نحو الإجمال حتى تتجلى لك عظمة رسول الله (صلى الله عليه وآله) وشخصيته أكثر، وتكون - أيها القارئ - مستعدا للمباحث التي نوافيك بها فيما يأتي:
آيات عديدة في القرآن تبين الحالة الأخلاقية للنبي (صلى الله عليه وآله)، وكيفية معاشرته وتعامله مع الآخرين ننتخب لك من تلك الآيات ثلاث: