الذين التهوا بالمنكرات والفواحش وانغمسوا في البذخ والشهوات [صار مآل الحديث، والأصح صارت الأمور المعنوية مقبورة] في صندوق النسيان بحيث لم يبق من الدين إلا اسمه، ومن القرآن إلا رسمه، وأما العلماء والحفاظ في عهد بني أمية فقد تماشوا مع التأثيرات الاجتماعية، وجعلوا سيرة أسلافهم، والخلفاء الراشدين معيارا وملاكا لفعلهم وعملهم، فأخرجوا من عقولهم كل ما يمت إلى الحديث تدوينا وكتابة ورسموا عليه خط البطلان، حتى آلت الخلافة والحكومة إلى عمر بن عبد العزيز عام 99 - 101 ه.
قام عمر بن عبد العزيز في مدة خلافته القصيرة ببعض الإنجازات الإيجابية والمفيدة، منها: إنه ألغى المنع والحظر عن رواية الحديث وكتابته الذي كان عليه سلفه من الخلفاء، وأمر بتدوينه.
روى البخاري: أن عمر بن عبد العزيز كتب إلى أبي بكر بن حزم الذي تقلد القضاء أن أنظر ما كان من سنة أو حديث فإني خفت اندراس العلم وذهاب الحديث (1).
تدوين الحديث في عهد عمر بن عبد العزيز:
يعتقد بعض علماء أهل السنة الذين نقلوا رسالة عمر بن عبد العزيز المذكورة: أن تاريخ الرسالة هو تاريخ تدوين الحديث حيث بدأ التدوين منذ تاريخ أمر عمر بن عبد العزيز أي من السنة الأخيرة من القرن الأول أو السنة الأولى من القرن الثاني (2) ولكن العلامة السيد حسن الصدر - 1354 ه - يرد هذه النظرية مستندا إلى الشواهد والمصادر التاريخية فقال: أول من صنف في الحديث الإمام مالك لما كتب الموطأ بأمر من الخليفة العباسي المنصور 136 - 185، ثم يذكر العلامة الصدر الأدلة التي تؤيد رأيه:
1 - إن خلافة عمر بن عبد العزيز لم تتجاوز السنتين وخمسة أشهر.
2 - لم يؤرخ زمان صدور أمر عمر بن عبد العزيز هل كان في بداية عهده بالخلافة