العهدين القديم - التوراة - والجديد - الإنجيل - المحرفين ورد أيضا في الصحيحين البخاري ومسلم الذين نحن بصدد التحقيق فيهما، فهما عندما يأتيان على ذكر الأنبياء (عليهم السلام) يسطران الأساطير والقصص، التي كان يرويها قصاصو اليهود وغيرهم، وينسبونها إلى الأنبياء (عليهم السلام)، ودسوها بعد ذلك بين أوساط المسلمين بعنوان الأحاديث الصحيحة.
والأطم من ذلك إن الصحيحين لم يشوها الصورة الحقيقية للأنبياء (عليهم السلام) عامة وحرفوها فحسب، حتى ظهرت صورتهم مضحكة ومستهترة، بل إنهما بدلا الصورة الواقعية والحقيقية للنبي محمد (صلى الله عليه وآله) من كونها شخصية روحية ذات السمات الأخلاقية والربانية إلى شخصية منافية للواقع ومباينة لما ورد في آيات الذكر الحكيم.
متى نشأ الافتراء على النبي (صلى الله عليه وآله):
عندما نراجع الأحاديث المروية في الصحيحين حول النبي (صلى الله عليه وآله) تنكشف لنا حقيقة ما، وتلك الحقيقة هي: إن الافتراء وبث الإشاعات حول شخصية النبي (صلى الله عليه وآله) بدأت في حياته، وذلك عندما نشر بعض الأشخاص - حبا للرسول (صلى الله عليه وآله) أو بغضا له أو لأسباب أخرى - أكاذيب اختلقوها وشايعات صنعوها حول شخصيته (صلى الله عليه وآله) حتى ضاق الرسول بها ذرعا، وأعلن هو للناس على المنبر عن وجود هؤلاء الوضاعين الكذابين بين الناس، وحذرهم بعاقبة عملهم الفاسد والمفسد قائلا: لا تكذبوا على، من كذب على فليلج النار (1).
وإن سليم بن قيس الهلالي سأل أمير المؤمنين عليا (عليه السلام) عن الأحاديث التي في أيدي الناس، فأجابه الإمام علي (عليه السلام) بخطبة بليغة قسم فيها الأحاديث ورواتها إلى عدة أقسام فقال: إن في أيدي الناس حقا وباطلا، وصدقا وكذبا، وناسخا ومنسوخا،