من هو زيد بن عمرو بن نفيل؟
من هو زيد الذي نال هذه المرتبة من القدسية والتكريم؟ وكما روى البخاري في مبحث التوحيد أن زيد نال مرتبة من التوحيد لم ينلها النبي (صلى الله عليه وآله) قبل البعثة!!!
وأما زيد هذا هو ابن عم الخليفة عمر بن الخطاب وأبو زوجته (1)، وقد أطراه الكثير من المؤرخين وأصحاب التراجم، فقالوا: إنه في الجاهلية كان موحدا، وكان يعبد الله وهو على دين إبراهيم (عليه السلام) الحنيف، وعما يعتقده عرب الجاهلية، ويصلي ويسجد لله تعالى، وذكره في السجود دليل على إيمانه وحنيفيته (2).
أقول: قد ذكرنا في أول الكتاب ما استنتجناه من الآيات والروايات حول الأنبياء عامة ورسول الله (صلى الله عليه وآله) خاصة، وبينا أيضا في الفصل السابق سيرة آباء النبي (صلى الله عليه وآله)، وأثبتنا بالدلائل النقلية الثابتة قطعية أن عبد المطلب وأبو طالب كانا موحدين، وكانا يجتنبان أكل ما ذبح على الأنصاب وإن النبي (صلى الله عليه وآله) علاوة على مسألة النبوة واستعداده لتلقي الوحي، كما تطرقنا إليه سابقا فإنه عاش ونشأ في هذا البيت، وتربى في أحضان ورعاية هؤلاء الأفراد.
فعلى هذا فهل يعقل أن النبي (صلى الله عليه وآله) ترك سيرة آبائه وعقائدهم والتعاليم والآداب العائلية - وقد كانوا يجدون ويسعون في حفظ تلك الشعائر - ويرفض (صلى الله عليه وآله) كل ذلك، ويتمسك بسيرة الوثنيين؟
فهل يتصور أن النبي (صلى الله عليه وآله) لم ينل ما ناله زيد بن عمرو بن نفيل وأمثاله من الوصول إلى مدارج التوحيد الرفيعة، وعبادة الله، والامتناع عن أكل ما ذبح على النصب، وينهى الرسول (صلى الله عليه وآله) عن أكل ذلك، ويرشده إلى ترك هذا العمل، وتراه أحيانا يدعو النبي إلى هذا