وفي سنن النسائي: عن سعيد بن مسيب أنه قال بعد شرح الاختلاف بين الإمام علي (عليه السلام) وعثمان. قال (عليه السلام): إذا رأيتموه قد ارتحل فارتحلوا، فلبى علي وأصحابه بالعمرة (1).
وقال الإمام السندي في شرحه على هذه الكلمة: إذا رأيتموه... أي ارتحلوا معه ملبين بالعمرة، ليعلم أنكم قدمتم السنة على قوله وأنه لا طاعة له في مقابلة السنة (2).
لفتة نظر:
لا بد من الإشارة هنا إلى نكتة ذات أهمية، وهي إن الكثير من الحقائق التي أشير إليها في كتب الحديث والتاريخ قد اندرست حقيقتها الواقعية ونالتها أيدي التحريف والأغراض السياسية آنذاك بأن أسدلوا عليها حجبا من التعتيم والتزوير.
وهذا الاختلاف الواقع بين أمير المؤمنين (عليه السلام) والخليفة عثمان في مسألة حج التمتع التي ورد ذكرها في الصحيحين هي من تلك الحقائق التي لم تذكر إلا بنحو الأجمال والإشارة، ولا شك أن الاختلاف بينهما لم يكن بهذه البساطة.
ويتضح مدى الاختلاف بينهما من رواية أبي عمر ابن عبد البر بإسناده عن عبد الله بن الزبير أن الاختلاف بينهما كان شديدا إلى درجة آلت أن يقتل أمير المؤمنين الإمام علي (عليه السلام) في سبيل ذلك ويهرق دمه.
قال ابن الزبير: أنا والله لمع عثمان بالجحفة ومعه رهط من أهل الشام وفيهم حبيب بن مسلمة الفهري. إذ قال عثمان: وذكر له التمتع بالعمرة إلى الحج، أن أتموا الحج وخلصوه في أشهر الحج، فلو أخرتم هذه العمرة حتى تزوروا هذا البيت زورتين كان أفضل، فإن الله قد وسع في الخير. فقال له علي (عليه السلام): أعمدت إلى سنة رسول الله (صلى الله عليه وآله) ورخصة رخص للعباد بها في كتابه، تضيق عليهم فيها، وتنهى عنها، وكانت لذي الحاجة