ورواية الشيخ أبي جعفر الطوسي، عن أبي الحسن بن أبي جيد معدودة من الصحاح اتفاقا. وكذلك رواية شيخه أبي عبد الله المفيد، عن أحمد بن محمد بن الحسن بن الوليد، مع أنه لم يجر لهما في كتاب الرجال ذكر أصلا إلا في أضعاف الأسانيد، وتضاعيف الطبقات. ونظائر ذلك كثيرة على ما قد علمت في سالفات الرواشح.
والشيخ الكشي في كتابه بعد ما روى جملة مما يوجب القدح والغمز في محمد بن سنان أثنى عليه، فأردف تلك الجملة بما هذه صورة عبارته:
قال أبو عمرو: وقد روى عنه الفضل وأبوه، ويونس، ومحمد بن عيسى العبيدي، ومحمد بن الحسين بن أبي الخطاب، والحسن والحسين ابنا سعيد الأهوازيان، وأيوب بن نوح، وغيرهم من العدول والثقات من أهل العلم. (1) انتهى عبارته.
فجعل رواية الثقات عنه في قوة مدحه وتوثيقه والثناء عليه. ونظائر هذا الباب في كلامهم متكررة جدا، فإذا كان مجرد رواية الثقة عن رجل على هذا السبيل فما ظنك بقول الثقة: " عن بعض أصحابنا "؟
قال الشيخ المعظم نجم أصحابنا المحققين، أبو القاسم الحسن بن يحيى بن سعيد الحلي - رضي الله تعالى عنه - في مختصره، المعروف بنهج المعارج في علم الأصول، في الفصل المعقود في مباحث متعلقة بالمخبر:
المسألة الخامسة: إذا قال: " أخبرني بعض أصحابنا " أو: " عن بعض الإمامية " (2) يقبل، وإن لم يصفه بالعدالة - إذا لم يصفه بالفسوق -؛ لأن إخباره بمذهبه شهادة بأنه من أهل الأمانة، ولم يعلم منه الفسوق المانع من القبول. فإن قال: " عن بعض أصحابه "، لم يقبل؛ لإمكان أن يعني نسبته إلى الرواة أو إلى أهل العلم، فيكون البحث عنه كالمجهول. (3)