من خزنة الوحي، وأصحاب العصمة، وحزب روح القدس، ومعادن القوة القدسية.
وللمضطلعين بعلم الحديث ملكة قوية، وثقافة شديدة يعرفون بها الصحيح والمكذوب، ويميزون الموضوع من المسموع.
والواضعون للحديث أصناف، وأعظمهم ضررا وأشدهم فسادا قوم منتسبون إلى الزهد والصلاح بغير علم وحكمة، وضعوا أحاديث احتسابا لله تعالى، وتقربا إليه بزعمهم الباطل؛ لتنجذب بذلك قلوب الناس إلى الله تعالى بالترغيب والترهيب، فقبل جم موضوعاتهم ثقة بهم وركونا إليهم، كأخبار وضعوها في الوعظ والترهيب، وفضائل أذكار وأوراد، وسنن وعبادات، وفي إثبات المناقب والكمالات لجماعات وأقوام، وإسناد أفعال وأحوال خارقة لطور العادة إليهم، بحيث يقطع العقل بكونها موضوعة، وإن كانت كرامات الأولياء ممكنة في أنفسها.
وقد عد قوم من أفاخم نقاد علماء العامة وأئمة محدثيهم كثيرا من مشهورات الأخبار في هذه الأبواب من موضوعات الواضعين.
فمن ذلك ما قاله السيد الفاضل المحقق العبري في شرح منهاج الأصول - للمفسر البيضاوي - في مبحث الإجماع: إن حديث " اقتدوا بالذين من بعدي أبي بكر وعمر " موضوع. (1) وقاله أيضا في شرح الطوالع وبينه بيانا وافيا.
ومن ذلك ما قال الطيبي:
روينا عن أبي عصمة نوح بن أبي مريم أنه قيل له: من أين لك عن عكرمة، عن ابن عباس في فضائل سورة سورة وليس عند أصحاب ابن عباس هذا؟ فقال: إني رأيت الناس قد أعرضوا عن القرآن [وانشغلوا] (2) بفقه أبي حنيفة، ومغازي محمد بن إسحاق فوضعت هذه الأحاديث حسبة. (3)