يستصحه؛ إذ لو كان مرسله معلوم التحرز عن الرواية عن مجروح، كان لا محالة في قوة المسند عن الثبت الثقة.
قال في الذكري: " ولهذا قبلت الأصحاب مراسيل ابن أبي عمير، وصفوان بن يحيى، وأحمد بن محمد بن أبي نصر البزنطي؛ لأنهم لا يرسلون إلا عن ثقة ". (1) قلت: وعلى هذا فلا يختص الأمر بجماعة معدودة نقل الكشي إجماع العصابة على تصحيح ما يصح عنهم (2) بل كل من يثبت بشهادة النجاشي، أو الشيخ، أو الصدوق أو غيرهم من أضرابهم، أنه في الثقة والجلالة بحيث لا يروي عن الضعفاء، ولا يحمل الحديث إلا عن الثقات، فإن مراسيله يجب أن تكون مقبولة. فما قال بعض المستسعدين بالشهادة من المتأخرين في شرح بداية الدراية:
إن في العلم بكون المرسل لا يروي إلا عن الثقة نظرا؛ لأن مستند العلم إن كان هو الاستقراء لمراسيله بحيث يجدون المحذوف ثقة، فهذا في معنى الإسناد، ولا بحث فيه.
وإن كان حسن الظن به في أنه لا يرسل إلا عن ثقة، فهو غير كاف شرعا في الاعتماد عليه، ومع ذلك غير مختص بمن يخصونه به.
وإن كان استناده إلى إخباره بأنه لا يرسل إلا عن الثقة، فمرجعه إلى شهادته بعدالة الراوي المجهول، وسيأتي ما فيه، وعلى تقدير قبوله فالاعتماد على التعديل.
وظاهر كلام الأصحاب في قبول مراسيل ابن أبي عمير هو المعنى الأول، ودون إثباته خرط القتاد؛ وقد نازعهم صاحب البشرى في ذلك، ومنع تلك الدعوى. (3) فإنما الصواب فيه من وجه هو خصوص قوله: " غير مختص بمن يخصونه به " لا غيره، فإن المستند هناك لا هو استقراء المراسيل، ولا هو مطلق حسن الظن غير الكافي شرعا، بل هو حصول الظن من طريقه الشرعي الذي سبيله أن يشهد بذلك من أمر التعديل والجرح موكول إليه. وأصل التوثيق والتوهين منوط بقوله: " ثابت