فأما المصحف المعقول المعنوي فهو ما لا يكون في اللفظ تصحيف أصلا لا من تلقاء السمع ولا من تلقاء البصر؛ بل إنما يكون مصحفا من جهة معناه، ومحرفا عن سبيل مغزاه لاغير.
كحديثه (صلى الله عليه وآله) المروي لدى العامة والخاصة من طرق عديدة وثيقة: " علي مني مثل رأسي من بدني " (1) أي نازل مني منزلة الرأس من البدن، ونسبته إلي نسبة الرأس إلى البدن كما في حديث المنزلة: " أنت مني بمنزلة هارون من موسى إلا أنه لا نبي بعدي ". (2) قال الكرماني في شرح صحيح البخاري تسمى هذه ب " من " الاتصالية. (3) وبعضهم يسميها " من " المنزلة و " من " النسبية، وهي بمدخولها غير صالحة للخبرية ولتمام الكلام بها، بل تكون أبدا إما من تتمة ما في حيز الموضوع أو من تتمة ما في حيز المحمول.
فبعض المصحفين المحرفين من الذين يحرفون الكلم عن مواضعها صحفها ب " من " التبعيضية أو الابتدائية وحرف المعنى عن سبيله وجعل " مني " تمام الكلام، أي علي من جملتي، كما الرأس من جملة البدن، أو من قبلي، أو من جنبتي كما الرأس من جنبة البدن ومن قبله.
ومن التصحيفات الفاضحة المعنوية ما لعلماء العامة في حديث مرض النبي (صلى الله عليه وسلم):
" ائتوني بدواة وقرطاس أكتب لكم كتابا لا تضلوا بعدي ". وقال عمر: ما شأنه أهجر - أو - هجر؟ (4)