تصدير الحمد لله رب العالمين وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله الطاهرين.
لا ريب في أن الحديث الشريف أهم ميراث نفيس ومخلد ورثناه عن المعصومين (عليهم السلام).
وهو أثرى مصدر للفكر الديني وللتشريع الإسلامي من بعد القرآن الكريم. وله السهم الأوفر في معرفة الإسلام والتعريف به، وفي بلورة وتطور العلوم الإسلامية. بل غدا بحد ذاته مصدرا لانبثاق علوم متعددة اخرى كعلم الرجال، وعلم دراية الحديث، وفقه الحديث، ومصطلحات الحديث، وغريب الحديث، وهي علوم أوجدتها الضرورة وجاءت في سبيل صيانة واستيعاب محتوى هذا التراث القيم، وتطورت ضمن هذا السياق.
وقد بذل كل واحد من علماء الدين مقدارا من الجهد بما يتناسب مع أحواله ومتطلبات عصره في مجال تحديد الموضوعات وتبيين أسس وقواعد كل واحد من هذه الفروع، فخلفوا وراءهم آثارا ومؤلفات لا يستهان بها.
ولابد من الإشارة إلى أن علم الدراية يدخل في عداد أهم فروع علوم الحديث، ومن جملة مهامه دراسة وتمحيص الحديث من جوانب وزوايا مختلفة، ويضطلع بوظيفة تقسيم وتبويب وتقييم أقسام الحديث بالأساليب والقواعد المناسبة لهذا الغرض. ورغم أن هذا العلم لم يكن موضع اهتمام عند المتقدمين من علماء الشيعة على نحو مستقل، إلا أن أسسه وقواعده كانت تحظى بإهتمامهم، حتى أنهم رسموا الكثير من أبحاثه وعينوا قواعده في مقدمة كتبهم الحديثية، وبين طيات بحوثهم الأصولية والرجالية والفقهية.
قيل إن أول من بحث موضوعات علم الدراية بشكل مستقل وأفرد له رسالة مستقلة