وإذ نسبة الطريق إلى ما يترتب عليه من الأقسام تشبه نسبة مقدمتي القياس الميزاني إلى النتيجة من وجه، فكما النتيجة تتبع أخس المقدمتين، فكذلك كل من الأقسام الأربعة بعد الصحيح الشريف على الإطلاق يتبع أخس من في الطريق. فإذا كان في رجال السند واحد مثلا عدلا فاسد المذهب وواحد إماميا مسكوتا عن مدحه وذمه، وسائر السند جميعا على استجماع وصفي الإمامية والعدالة فعلى قول من يجعل الموثق أعلى وأرجح من القوي يكون الحديث قويا، وعلى رأي من يعكس يكون موثقا؛ لكون من عدا الذي به الطريق قوي أو موثق على هذا التقدير أعلى منزلة وأرجح مرتبة مما قد اعتبر في حد أحدهما، فلا يكون في إدراجه في أحدهما اهتضام لجانب الدين، وإهمال لجهة الاحتياط، وتساهل في اعتبار حال الرواية وحينئذ لا يلزم اختلاط (1) الحصر باحتمال حصول قسم سادس كما ربما يقع في بعض الأذهان.
وكذلك إذا كان واحد في السند عدلا غير صحيح العقيدة، وواحد إماميا ممدوحا غير منصوص عليه بالتعديل، ومن عداهما مستجمع نص التوثيق ووصف الإمامية، فمن يقول: الحسن أعلى وأشرف من الموثق يعتبر موثقا، ومن يعكس يجعله حسنا. ولا هناك لجانب الاحتياط في الدين إهمال، ولا في أقسام القسمة الأولى الأصلية حصول قسم سابع.
ولكل من الأقسام الخمسة إلا القسم الرابع - وهو القوي - درجات متفاوتة تفاوتا تشكيكيا بالشدة والضعف، والكمال والنقص، فصحيحة الإمامي الثقة الفقيه العالم المتقن الضابط الورع الزاهد - كأبان بن تغلب بن رباح، وزرارة بن أعين الشيباني، وزكريا بن آدم بن عبد الله بن سعد الأشعري القمي زميل الرضا (عليه السلام) من المدينة إلى مكة - أصح وأرجح وأشد صحة وأقوى رجحانا من صحاح من نقص في بعض الأوصاف. وعلى ذلك يقاس الأمر في سائر الأقسام.