الراشحة الثامنة والثلاثون [في الفرق بين الحديث القدسي والقرآن] [وبينه وبين الأحاديث النبوية] سبيل رهط في الفرق بين الحديث القدسي وبين القرآن، وبينه وبين الأحاديث النبوية.
إن القرآن هو الكلام المنزل بألفاظه المعينة في ترتيبها المعين للإعجاز بسورة منه.
والحديث القدسي هو الكلام المنزل بألفاظه بعينها في ترتيبها بعينه، لا لغرض الإعجاز.
والحديث النبوي هو الكلام الموحى إليه (صلى الله عليه وآله) بمعناه، لا بألفاظه. فما أتانا به - عليه وآله صلوات الله وتسليماته - فهو جميعا من تلقاء إيحاء الله سبحانه إليه (و ما ينطق عن الهوى إن هو إلا وحى يوحى). (1) لكن الوحي على أنحاء ثلاثة.
وقال فرق: الحديث القدسي ما أخبر الله نبيه معناه بالإلهام، أو المنام، فأخبر النبي أمته بعبارة عن ذلك المعنى فلا يكون معجزا ولا متواترا كالقرآن.
قال الطيبي:
فضل القرآن على الحديث القدسي أنه نص إلهي في الدرجة الثانية وإن كان من غير واسطة الملك غالبا؛ لأن المنظور فيه المعنى دون اللفظ، وفي التنزيل اللفظ والمعنى منظوران، فعلم من هذا مرتبة بقية الأحاديث. (2) قلت: ويشبه أن يكون حق التحقيق أن القرآن كلام يوجبه الله سبحانه إلى النبي (صلى الله عليه وآله) معنى ولفظا، فيتلقاه النبي من روح القدس مرتبا ويسمعه من العالم العلوي منظما.