المعلل ويقال له: " المعلول " أيضا. قالوا: ومعرفة علل الحديث من أجل علومه وأدقها.
وإنما يتمكن من ذلك أهل الحفظ والضبط والخبرة بطرق الحديث ومتونه ومراتب الرواة وطبقاتهم، والفهم الثاقب الناقد، والفطرة الحادسة الواقدة.
قلت: ويشبه أن تكون منفعة هذا الفن في علم الحديث كمنفعة فن سوفسطيقا في علم البرهان، وفي طريق الجدل أيضا؛ للتوقي عن شرور المغالطات والمشاغبات، (1) فهي عبارة عن أسباب خفية غامضة قادحة في الحديث.
والحديث " المعلل " هو الذي قد اطلع فيه على ما يقدح في صحته وجواز العمل به، مع أن ظاهره السلامة من ذلك.
والعلة قد تكون في السند، وقد تكون في المتن. فالتي في السند هي ما يتطرق إلى الإسناد الجامع لشروط الصحة ظاهرا، ويستعان على إدراكها بتفرد الراوي ومخالفة غيره له، مع قرائن تنبه العارف على إرسال في الموصول، أو وقف في المرفوع، أو دخول حديث في حديث، أو وهم واهم، أو غير ذلك بحيث يغلب على الظن ذلك ولا يبلغ حد الجزم، وإلا لخرج من حريم هذا القسم ودخل في صريح شيء من تلك الأقسام بتة، فالمعتبر في هذا القسم هو التردد في ثبوت إحدى هذه العلل، أو ظن ذلك فيه ظنا لا يستوجب إخراجه ألبتة عما يقتضيه ظاهره من السلامة.
وطريق معرفة هذه العلة أن تجمع طرقه وأسانيده، فينظر في اختلاف رواته وضبطهم وإتقانهم. وينبغي أن يجتهد غاية الاجتهاد في التحرز عن اقتحام مواقع الاشتباه والالتباس، حتى لا يتورط في جعل ما ليس بعلة علة، كأن لا يفرق مثلا بين