الراشحة الثانية والثلاثون [في تعارض الجرح والتعديل] إذا تعارض الجرح والتعديل، فمنهم: من يقدم الجرح مطلقا. ومنهم: مع كثرة الجارح. ومنهم: من يقدم التعديل مطلقا. ومنهم: مع كثرة المعدل.
والتحقيق، أن شيئا منهما ليس أولى بالتقديم من حيث هو جرح أو تعديل.
وكثرة الجارح أو المعدل أيضا لا اعتداد بها، بل الأحق بالاعتبار في الجارح أو المعدل قوة التمهر وشدة التبصر وتعود التمرن على استقصاء الفحص وإنفاق المجهود.
وما يقال: إن الجرح أولى بالاعتبار؛ لكونه شهادة بوقوع أمر وجودي بخلاف التعديل، ضعيف؛ إذ التعديل أيضا شهادة بحصول ملكة وجودية هي العدالة، إلا أن يكتفى في العدالة بعدم الفسق من دون ملكة الكف والتنزه.
وربما تنضاف إلى قول الجارح أو المعدل شواهد مقومة وأمارات مرجحة في الأخبار والأسانيد والطبقات.
وبالجملة: يختلف الحكم باختلاف المواد والخصوصيات. ولذلك كله لم (1) نبال مثلا في إبراهيم بن عمر اليماني بتضعيف ابن الغضائري، ولا في داود بن كثير الرقي بتضعيف النجاشي وابن الغضائري إياه.
وأما ذكر السبب فاشتراطه في الجرح دون التعديل قوي؛ إذ رب أمر لا يصلح سببا للجرح يراه بعض سببا.