ومن حق من يدلس وشأنه - حتى يكون مدلسا لا كذابا - أن لا يقول في ذلك:
" حدثنا " ولا " أخبرنا " وما أشبههما، بل يقول: " عن فلان " أو " قال فلان "، ونحو ذلك ك " حدث " أو " أخبر فلان " من غير الإضافة إلى ضمير المتكلم؛ لتوهم أنه حدثه أو أخبره، والعبارة أعم من ذلك؛ لاحتمالها الواسطة بينهما، فلا يصير بذلك كذابا.
وربما لم يكن " تدليس " (1) في صدر السند - وهو شيخه الذي أخبره - بل في الطبقة التي تلي مبدأ الإسناد، بأن يسقط من بعده رجلا ضعيفا، أو صغير السن ليحسن الحديث بذلك.
قال الطيبي: " وكان الأعمش والثوري وغيرهما يفعلون هذا النوع ". (2) الثاني: ما يقع في الشيوخ لا في الإسناد، وهو أن يروي عن شيخ حديثا سمعه منه، ولكن لا يحب أن يعرف فيسميه باسم، أو يكنيه بكنية وهو غير معروف بهما، أو بنسبة إلى بلد، أو حي لا يعرف انتسابه إليهما، أو يصفه بما لا يعرف به كيلا يتعرف.
الثالث: ما يقع في مكان الرواية مثل: " سمعت فلانا وراء النهر " و " حدثنا بما وراء النهر " موهما أنه يريد بالنهر " جيحان " أو " جيحون ". وإنما يريد بذلك نهرا آخر.
و " جيحان " نهر بالشام و " جيحون " نهر بلخ المعروف الذي وراءه بلاد ماوراء النهر المعروفة، على ما قاله الجوهري. (3) وقال ابن الأثير: " جيحان نهر بالعواصم عند أرض المصيصة وطرسوس ". (4) والعواصم بلاد قصبتها أنطاكية، وكذلك سيحان نهر بالعواصم من أرض المصيصة وقريبا من طرسوس، يذكر مع جيحان وسيحون نهر الترك ويذكر مع جيحون.
وقول صاحب القاموس -: " جيحون نهر خوارزم، وجيحان نهر بين الشام