جليل غلو (1) في الثقة والجلالة، وصحة الحديث وضبط الرواية، قبل، وإلا لم يقبل.
واحتجاجهم على ذلك أما على مسلك العامة فبما في المختصر الحاجبي وشرحه العضدي أن إرسال الأئمة من التابعين كان مشهورا مقبولا فيما بينهم ولم ينكره أحد، فكان إجماعا كإرسال ابن مسيب، والشعبي، وإبراهيم النخعي، والحسن البصري.
وأما من سبيل أصحابنا فبما نقل من إجماع الطائفة على استصحاح ما يصح عن جماعة - عددناهم فيما قد سبق من الرواشح - إذا أرسلوه، أو أسندوه إلى غير معلوم الحال.
واحتجوا عليه أيضا بأنه لو لم يكن الوسط الساقط عدلا عند المرسل، لما ساغ له إسناد الحديث إلى المعصوم، وكان جزمه بالإسناد الموهم لسماعه إياه من عدل تدليس في الرواية، وهو بعيد من أئمة النقل.
وإنما يتم إذا ما كان الإرسال بالإسقاط رأسا والإسناد جزما كما لو قال المرسل:
" قال النبي (صلى الله عليه وآله) "، أو: " قال الإمام (عليه السلام) ". وذلك مثل قول الصدوق عروة الإسلام رضي الله تعالى عنه في الفقيه: قال (عليه السلام): " الماء يطهر ولا يطهر ". (2) إذ مفاده الجزم، أو الظن بصدور الحديث عن المعصوم، فيجب أن يكون الوسائط عدولا في ظنه، وإلا كان الحكم الجازم بالإسناد هادما لجلالته وعدالته، بخلاف ما لو التزم العنعنة وأبهم الواسطة كقوله: " عن رجل " أو " عن صاحب لي " أو " عن بعض أصحابه " مثلا.
وذهب العلامة رحمه الله تعالى في النهاية (3) - وطابقه شيخنا الشهيد قدس الله تعالى لطيفه في الذكرى (4) - إلى الثالث، ويشبه أن التحقيق يساعده، والفحص