وعن بعض العلماء: " التدليس أخو الكذب ". (1) ويعنى به هذا القسم؛ لما فيه من إيهام اتصال السند مع كونه مقطوعا، قلما يستجيزه الثقة الثبت بخلاف الأمر في القسم الثاني؛ إذ الشيخ مع ذلك التدليس به، إما أن يعرف، فيعلم ما يلزمه من ثقة أو ضعف، أولا، فيصير الحديث به مجهول السند، فيرد عند من يقول باشتراط ثبوت العدالة في قبول الرواية كالعلامة في النهاية. (2) وهو قول الشافعي من العامة. (3) ومن (4) يقول: مقتضى الآية (5) كون الفسق مانعا من قبول، فإذا جهل حال الراوي المعلوم العين والمذهب لا يصح الحكم عليه بالفسق، فلا يجب التثبت عند إخباره؛ قضية لمفهوم الشرط، وكون عدم الفسق شرطا ممنوع؛ بل المانع ظهوره، فلا يجب تحصيل العلم بانتفائه حيث يجهل يذهب إلى قبول الرواية؛ لأصالة عدم الفسق في المسلم، وأصالة الصحة في قوله وفعله.
وهذا مذهب شيخ الطائفة أبي جعفر الطوسي رحمه الله تعالى في بعض آرائه، فإنه كثيرا ما يقبل خبر من ليس بثابت العدالة، ولا بمعلوم الفضل والجلالة، ولا يبين سبب. وإليه جنح بعض المتأخرين في شرح بداية الدراية. (6) وبه قال أبو حنيفة محتجا بمثل ما ذكر، وبقبول قوله في: تذكية اللحم، وطهارة الماء، ورق الجارية.
وقال المحقق نجم الملة والدين رحمه الله تعالى في كتابه في الأصول:
عدالة الراوي شرط في العمل بخبره.
وقال الشيخ: يكفي كونه متحرزا عن الكذب في الرواية وإن كان فاسقا بجوارحه،