الذات المسلوبة الضرورة بحسب نفسها في كلا طرفي التقرر واللا تقرر، وإنما النظر في اتساق النظام، وغرائب الصنع، وعجائب التدبير يسوق العقل إلى توحيد صانعها وجاعلها، وإثبات أن الصانع الجاعل الواحد الحق - جل مجده - تام العلم، عظيم الخبر، لطيف التدبير، بالغ الحكمة.
فإذن قوله (رحمه الله): (لما فيها من آثار صنعه، وعجائب تدبيره).
فيه: أن تعليل الشهادة بذلك اعتبار في حيز السقوط، إلا أن يكون قد رام بالربوبية والإلهية ما يشمل إثبات الذات والتوحيد والعلم والحكمة جميعا.
قوله (رحمه الله): (جل ثناؤه: (ألم يؤخذ عليهم ميثاق الكتاب)).
أي ميثاق كتاب الوحي والتنزيل، والهداية والتبصير، أو ميثاق كتاب الوجود والإيجاد، والصنع والإبداع.
و " الميثاق " مفعال من الوثاق بالفتح، والكسر فيه لغة، كالميقات من الوقت، والميعاد من الوعد. ومعناه: الموثق، وهو العهد. ومنه في التنزيل الكريم: (حتى تؤتون موثقا من الله). (1) و " الوثاق " في الأصل قيد أو حبل يشد به الأسير والدابة، يقال: رجل موثق أي مأسور مشدود بالوثاق. ثم قيل للمؤتمن المعتمد على أمانته:
ثقة وموثق وموثوق به.
قوله (رحمه الله): (لعلة العلم بالشهادة).
أي بما الشهادة (2) له وهو الحق المشهود له.
وكذلك قوله: (ولولا العلم بالشهادة) أي ولولا اليقين - المسمى بالعقل المضاعف (3) - بالحق الذي هو المشهود له، لم