ومنها: عنه (صلى الله عليه وسلم) في خطبة الجمعة: " طول صلاة الرجل وقصر خطبته مئنة (1) من فقهه، فأطيلوا الصلاة وأقصروا الخطبة ". (2) وفي حديث آخر: إن رجلا أعرابيا أتاه (صلى الله عليه وسلم) فقال: يا رسول الله! علمني عملا يدخلني الجنة، فقال (صلى الله عليه وآله) له: " لئن أقصرت الخطبة لقد أطلت المسألة ". (3) ذكرهما الأصحاب في كتبهم الفقهية، كلاهما من الإقصار - بقطع همزة باب الإفعال - أي جعل الشيء قصيرا، ضد الإطالة أي جعله طويلا.
قال المطرزي في المغرب: وأمرنا بإقصار الخطبة - أي بجعلها قصيرة - ومنه: " إن أقصرت الخطبة لقد أعرضت المسألة - أي جئت بهذه قصيرة موجزة، وبهذه عريضة واسعة. (4) وفي النهاية الأثيرية: " لئن كنت أقصرت الخطبة لقد أعرضت المسألة. أي جئت بالخطبة قصيرة والمسألة عريضة، أي قللت الخطبة وأعظمت المسألة ". (5) وجماهير القاصرين يقصرون في الفحص والتفتيش فيتوهمونهما في الحديثين من القصر ضد الإتمام، ولا يعلمون أن القصر إنما يصح فيما يكون له في نفسه، أو من تلقاء الشرع، حد محدود يقال له: التمام، وأمد مضروب يعبر عن بلوغه بالإتمام، فيكون ما دونه القصر كما في الصلاة والصوم مثلا، ولا كذلك الخطبة.
وأما " مئنة " - بفتح الميم وكسر الهمزة وتشديد النون - فقد قال المطرزي في المغرب: " أي مخلقة ومجدرة ". (6)