واحتج لذلك بأن الطائفة عملت بالمراسيل عند سلامتها عن المعارض كما عملت بالمسانيد، فما أجاز أحدهما أجاز الآخر. (1) انتهى كلامه.
وربما يقال - على ظاهر هذا التقرير -: يكون قول الشيخ مذهبا خامسا غير راجع إلى شيء من الأربعة المنقولة. وليس كذلك؛ فإنه منطبق على المذهب الثاني بعينه من دون تكلف.
ثم طريق معرفة الإرسال، العلم بعدم تعاصر طرفي من في الإسناد، أو عدم تلاقيهما وإن كان في عصر واحد مع عدم الاستناد إلى إجازة ولا وجادة؛ ولذلك احتيج إلى ضبط أنساب الرواة، وألقابهم، وتواريخ مواليدهم، وأعمارهم، وأزمنة تحصيلهم، وأمكنة وفاتهم، وأوقات إقامتهم وارتحالهم.
تعقيب قول الثبت الثقة: " عن بعض أصحابنا " أو " عن صاحب لي ثقة " أو " أخبرني شيخ ثبت " أو " سمعت صاحبا لي وهو ثقة ثبت "، أو ما يجري مجرى ذلك، شهادة منه لا محالة لتلك الطبقة بالثقة والجلالة وصحة الحديث. وجهالة الاسم والنسب هنالك مما لا يوجب حكم الإرسال ولا يثلم في صحة الإسناد أصلا، والمنازع المشاح في ذلك مكابر لاج.
أليس قد صار من الأصول الممهدة عندهم أن رواية الشيخ الثقة الثبت الجليل القدر عن أحد ممن لا يعلم حاله أمارة صحة الحديث وآية ثقة الرجل وجلالته؟ بل إذا ما كان في الإسناد مثلا محمد بن الحسين بن أبي الخطاب عن عبد الله بن عبد الرحمن الأصم - وهو ضعيف مذموم - تسمعهم، يقولون: رواية ابن أبي الخطاب عنه تجبر الوهن وتسد الثلمة.