دخول بلد فيه الطاعون والوباء. (1) ونحو ذلك.
وقال بعضهم: كأنه (صلى الله عليه وسلم) كره ذلك مخافة أن يحدث في مال المصح، أو في بدن الصحيح ما بمال الممرض أو ببدن المعيوه من العاهة والمرض، فالجاهل يسمي ذلك " عدوى " ويجعله إعداء من فعل الطبيعة، لا قضاء وقدرا بإذن الله سبحانه، فيأثم بذلك.
وإذا كان المتضادان بحيث لا يتيسر الجمع بينهما، فإن علمنا أن أحدهما ناسخ قدمناه، وإلا رجعنا إلى المرجحات المقررة في علم الأصول، وهذا أهم فنون علم الحديث يضطر إليه طوائف العلماء عموما، والفقهاء خصوصا. وإنما يملك القيام به الأئمة المتثقفون من المتضلعين في الحكمة والأصول والفقه، والغواصين في المنطق والمعاني والبيان.
وقد صنف فيه من فقهاء العامة الشافعي كتابه المعروف (2) ولم يقصد استيعابه، بل زعم أنه ذكر جملة تنبه العارف على طريق الجمع بين الأحاديث في غير ما ذكره.
ثم ابن قتيبة صنف كتابه المشهور. (3) ومن أصحابنا شيخ الطائفة أبو جعفر الطوسي (رحمه الله) صنف كتاب الاستبصار فيما اختلف من الأخبار، ولنا بفضل الله سبحانه وجوه لطيفة ونكات دقيقة في تضاعيف أبواب هذا الفن.
وبالجملة: كل يتكلم في الجمع على مقدار فهمه، وقلما يتفق فهمان على جمع واحد.
الناسخ والمنسوخ كما في القرآن ناسخ ومنسوخ كذلك في الأحاديث ما ينسخ وما ينسخ. وحقيقة النسخ مطلقا بيان انتهاء (4) حكم شرعي وبت استمراره، والكشف عن غايته، لا رفع