للمحدث أن يتجنبه، ويختلف الأمر في كراهيته شدة وضعفا بحسب اختلاف الغرض الحامل عليه، فقد يحدو عليه كون الشيخ المغير وسمه غير ثقة، أو كونه أصغر سنا من الراوي عنه، فيستكبر الراوي عن الرواية عنه، أو كون الراوي مكثار الرواية عنه فلا يستحب الإكثار من ذكر شخص واحد على صورة واحدة.
وربما كانت بينهما غائلة منافرة فاقتضت عدم التنويه بذكره؛ إذ لم يكن يسعه لثقته ترك الحديث عنه صونا للدين، وأهل الحديث مسامحون في هذه كلها إلا فيما كان لإخفاء ضعفه، فإنه كاد يكون من الغش في الحديث.
فأما التدليس في مكان الإخبار، وحمل الخبر، وتحمل الرواية، فأمره في الكراهة أخف من ذلك كله.
وليعلم أن عدم اللقاء يوجب التدليس، ويعلم بإخبار المدلس عن نفسه بذلك، أو باطلاع متمهر عليه، ولا يكفي أن يقع في بعض الطرق زيادة راو بينهما؛ لاحتمال أن يكون من باب " المزيد "، أو من باب تعارض الاتصال والانقطاع.
المضطرب وهو ما اختلف راويه بعينه، أو رواته بأعيانهم في طريق روايته علي نحوين مختلفين، مرة على وجه، وأخرى على وجه آخر مخالف له. وإنما يحكم " بالاضطراب " مع تساوي الروايتين المختلفتين في درجة الصحة، أو الحسن، أو الموثقية، أو القوة، أو الضعف، وكذلك في درجة علو الإسناد، أو التسلسل، أو القبول، أو الإرسال، أو القطع، أو التعضيل، أو غيرها.
وبالجملة: مع تساويهما في جميع الوجوه والاعتبارات بحسب درجات أقسام الحديث الأصلية والفرعية، إلا في نحوي الرواية المختلفين اللذين بحسبهما الحكم بوصف الاضطراب بحيث لا يترجح إحداهما على الأخرى ببعض المرجحات.
أما لو ترجحت إحداهما على الأخرى بوجه ما من وجوه الترجيح - كأن يكون