الباقر (عليه السلام) في توحيد الله تعالى وتمجيده وتوصيفه وتقديسه:
هل سمي عالما وقادرا إلا لأنه وهب العلم للعلماء، والقدرة للقادرين؟ وكل ما ميزتموه بأوهامكم في أدق معانيه مخلوق مصنوع مثلكم مردود إليكم. والبارئ تعالى واهب الحياة، ومقدر الموت، ولعل النمل الصغار يتوهم أن لله تعالى زبانيين، فإنهما كمالهما، ويتصور أن عدمهما نقصان لمن لا يكونان له. هكذا حال العقلاء فيما يصفون الله تعالى به فيما أحسب. وإلى الله المفزع (1) فأهل العصر حرفوا " زبانيين " بتثنية الزباني - وزبانيا النمل أو العقرب قرناها، و " الزبانيان " كوكبان نيران على أحد منازل القمر - ب " زبانيتين " بزيادة التاء، وإدخالها بين الياءين، مثناة الزبانية. و " الزبانية " ملائكة العذاب واحدها " زبنية " بكسر الزاي كعفرية من الزبن - بالفتح - وهو الدفع. وقيل: " زبني " وكأنه نسب إلى الزبن ثم غير للنسب، كقولهم: " إمسي " مكسور الهمزة في النسبة إلى أمس. وأصل " الزبانية " في جمع " زبني "، " زباني " بالتشديد، فقيلت: " زبانية " بالتخفيف، على تعويض التاء عن إحدى الياءين. و " الزباني " - بالفتح والتخفيف المنسوب إلى الزبن - " كالزبني " - بالكسر والتشديد - على تعويض الألف عن الياء، كاليماني والنجاشي. وقد أسمعناك من قبل.
وبالجملة: ضعف التحصيل بذر زرعه العثرة، وسوء التدبر (2) شجرة ثمرتها السقطة. وفي المثل السائر: تعثر بقدمك خير من أن تعثر بلسانك، وتعثر بلسانك خير من أن تعثر بقلمك. ومن الله العصمة، وبيده أزمة الفضل، ومقاليد الرحمة.
المصحف قالوا: وهذا فن جليل، عظيم الخطر إنما ينهض بحمل أعبائه الحذاق من العلماء الحفاظ، والنقاد من الكبراء المتبصرين، وهو إما محسوس لفظي، وإما معقول معنوي.