وهناك سؤال مشهور وهو أن العمل بالحديث الضعيف في المسنونات والمستحبات ينافي ما تقرر عند العلماء واستقرت عليه الآراء، من عدم ثبوت الأحكام بالأحاديث الضعيفة، وعدم جواز العمل بما لا دليل عليه من الشرع.
والجواب عنه: أن التعويل في هذا الباب على ما ورد في المستفيض المشهور من طرق العامة (1) والخاصة عن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) أنه قال: " من بلغه شيء من أعمال الخير فعمل به أعطاه الله ذلك وإن لم يكن على ما بلغه ". (2) ومن طريق آخر:
من بلغه عن الله فضيلة فأخذها وعمل بها إيمانا بالله ورجاء ثوابه، أعطاه الله تعالى ذلك وإن لم يكن كذلك. (3) وما رواه رئيس المحدثين في الصحيح - ويعده غير المتثقف حسنا بإبراهيم بن هاشم - عن هشام بن سالم، عن أبي عبد الله الصادق (عليه السلام) قال، قال: " من سمع شيئا من الثواب على شيء فصنعه، كان له أجره وإن لم يكن على ما بلغه ". (4) فالعمل والتمسك هناك في الحقيقة على العموم بهذا الحديث الصحيح، وذاك المستفيض المشهور لا بخصوصيات الأحاديث الضعيفة.
وإذ هذا الصحيح وذاك المستفيض متخصصا المنطوق والمفهوم بالفضائل والمثوبات والنوافل والمندوبات؛ فلذلك اختص جواز العمل بالحديث الضعيف بما يكون في مستحبات أبواب العبادات؛ ومن ثم ترى الأصحاب - رضوان الله تعالى عليهم - في كتبهم الاستدلالية ربما يحتجون في سنن العبادات ووظائف المستحبات بأحاديث من طرق العامة.