وأما أصالة بقاء ما كان - وتسمى استصحاب حال الشرع، وحال الإجماع في محل الخلاف، كصحة صلاة المتيمم، فيقال: طهارته معلومة والأصل عدم طروء البطلان، أو صلاته صحيحة قبل الوجدان، فكذا بعده - فقد اختلف في حجيتها، وحيز القول فيه علم الأصول. ولقد حققنا الأمر في غير موضع واحد.
والضرب الآخر ما يتوقف قضاء العقل فيه على ورود الخطاب، وله أقسام عدة.
الأول: " مقدمة الواجب المطلق "، شرطا كانت أو وصلة، وعقلا كانت أو شرعا أو عادة، ولا كذلك لازم الواجب؛ إذ الأمر بالشيء لا يكون عروا عن استيجاب الأمر بما يتوقف عليه ذلك الشيء توقفا بالذات ويتأخر عنه تأخرا بالطبع، إما بحسب حكم العقل، أو من تلقاء الشرع، أو من سبيل العادة بتة، ولازم الواجب بما هو لازم الواجب لا يكون متقدما على الواجب تقدما بالذات أصلا، بل الواجب متقدم عليه بمرتبة ذاته وإن كان لا يكون منسلخا عن صحابته في الوجود.
وبالجملة: المأمور به بالذات وعلى الحقيقة ما يكون الأمر تاجها إليه بالحقيقة، سواء كان هو نفس المأمور به، أو في مرتبة ذاته وقبل مرتبة ذاته قبلية بالذات، لاما يتوجه الأمر إليه لا بالذات، بل بالعرض من حيث صحابته للمأمور به ولزومه له في الوجود.
وهذا مسلك دقيق وفج عميق، وأفق خافق، وباب صافق قد التبس الأمر فيه على فريق جم من المحصلين من أصحابنا رضوان الله تعالى عليهم، ومن علماء العامة فضلا عن الخارجين عن سبيل التحصيل. ولكني قد أوضحت سبيله في كتبي وكلماتي وزبري وتعليقاتي بإذن الله سبحانه، ومن هناك ينحل تشكيك الكعبي في نفي المباح.
الثاني: " لحن الخطاب "، وهو ما استفيد من المعنى الملحون إليه ضرورة من غير أن يكون ملفوظا به، كما في قوله عز قائلا: (أن اضرب بعصاك الحجر فانفجرت منه اثنتا عشرة عينا) (1) و (أن اضرب بعصاك البحر فانفلق). (2) فالمعنى المراد: فضرب