فلما قرأ زياد الكتاب قال: شهد لي أبو الحسن ورب الكعبة، فذلك الذي جرأ يزيد بن معاوية على ما صنع، فلما قتل علي رضي الله عنه وتولى ولده الحسن رضي الله عنه ثم فوض الأمر إلى معاوية كما هو مشهور أراد معاوية استمالة زياد إليه وقصد تأليف - قلبه ليكون معه كما كان مع علي رضي الله عنه فتعلق بذلك القول الذي صدر من أبيه بحضرة علي وعمرو بن العاص فاستلحق زيادا في سنة أربع وأربعين للهجرة فصار يقال له: زياد بن أبي سفيان، فلما بلغ أخاه أبا بكرة أن معاوية استلحقه وأنه رضى بذلك حلف يمينا " أن لا يكلمه أبدا وقال: هذا زنى أمه وانتفى من أبيه والله ما علمت سمية رأت أبا سفيان قط ويله ما يصنع بأم حبيبة بنت أبي سفيان زوج النبي صلى الله عليه وسلم أيريد أن يراها فإن حجبته فضحته وإن رآها فيا لها من مصيبة يهتك من رسول الله صلى الله عليه وسلم حرمة عظيمة، وحج زياد في زمن معاوية ودخل المدينة فأراد الدخول على أم حبيبة لأنها أخته على زعمه وزعم معاوية ثم ذكر قول أخيه أبي بكرة فانصرف عن ذلك، وقيل: إن أم حبيبة حجبته ولم تأذن له في الدخول عليها، وقيل: إنه حج ولم يزر من أجل قول أبي بكرة وقال: جزى الله أبا بكرة خيرا " فما يدع النصيحة على كل حال. وقدم زياد على معاوية وهو نائب عنه وحمل معه هدايا جليلة من جملتها عقد نفيس فأعجب به معاوية فقال زياد: يا أمير المؤمنين دوخت لك العراق وجبيت لك برها وبحرها وحملت إليك لبها وقشرها، وكان يزيد بن معاوية جالسا " فقال له: أما إنك إذ فعلت ذلك فإنا نقلناك من ثقيف إلى قريش، ومن عبيد إلى أبي سفيان، ومن القلم إلى المنابر، فقال له معاوية: حسبك وريت بك زنادي، وقال أبو الحسن المدائني: أخبرنا أبو الزبير الكاتب عن ابن إسحاق قال: اشترى زياد أباه عبيدا فقدم زياد على عمر رضي الله عنه فقال له: ما صنعت بأول شئ أخذت من عطائك؟ قال: اشتريت به أبي، قال: فأعجب ذلك عمر رضي الله عنه وهذا ينافي استلحاق معاوية إياه، ولما ادعى معاوية زيادا " دخل عليه بنو أمية وفيهم عبد الرحمن بن الحكم أخو مروان بن الحكم الأموي فقال له: يا معاوية لو لم تجد إلا
(٥٤٧)