لقد ضاع ألف أخذها زياد فلما قدم عليه بعد ذلك قال له: ما فعل ألفك يا زياد؟
قال: اشتريت بها عبيدا فأعتقته يعني أباه فقال: ما ضاع ألفك يا زياد، هل أنت حامل كتابي إلى أبي موسى الأشعري في عزلك عن كتابته؟ - قال: نعم يا أمير المؤمنين إن لم يكن ذلك على سخطة قال: ليس عن سخطة قال: فلم تأمره بذلك؟ قال: كرهت أن أحمل الناس على فضل عقلك واستكتب أبو موسى بعد زياد أبا الحصين بن أبي - الحر العنبري فكتب إلى عمر - رضي الله عنه - كتابا " فلحن في حرف منه فكتب إليه أن قنع كاتبك سوطا " وكان عمر - رضي الله عنه - إذا وفد عليه من البصرة رجل أحب أن يكون زيادا " ليشفيه من الخبر، وكان عمر - رضي الله عنه - قد استعمله على بعض - أعمال البصرة ثم عزله فقال: ما عزلتك لجريمة ولكن كرهت أن أحمل الناس على فضل عقلك، وكان عمر - رضي الله عنه - قد بعثه في إصلاح فساد وقع باليمن فرجع من وجهه وخطب خطبة لم يسمع الناس مثلها فقال عمرو بن العاص: أما والله لو كان هذا الغلام من قريش لساق العرب بعصاه فقال أبو سفيان: إني لأعرف الذي وضعه في رحم أمه فقال له علي بن أبي طالب - رضي الله عنه -: ومن هو يا أبا سفيان؟ - قال:
أنا، قال: مهلا " أبا سفيان، فقال أبو سفيان:
أما والله لولا خوف شخص * يراني يا علي من الأعادي لأظهر سره صخر بن حرب * وإن تكن المقالة عن زياد وقد طالت مجاملتي ثقيفا " * وتركي فيهم ثمر الفؤاد فلما صار الأمر إلى علي رضي الله عنه وجه زيادا إلى فارس فضبط البلاد وحمى وجبى وأصلح الفساد فكاتبه معاوية يروم إفساده على علي - رضي الله عنه - وفيه شعر تركته فكتب إليه علي: إني ما وليتك إلا وأنت أهل لذلك عندي ولن تدرك ما تريده مما أنت فيه إلا بالصبر واليقين وإنما كانت من أبي سفيان فلتة زمن عمر رضي الله عنه لا يستحق بها نسبا " ولا ميراثا "، وإن معاوية يأتي المرء من بين يديه ومن خلفه فاحذره ثم احذره والسلام.