أنهم عصوا الله تعالى وينكرون على من ينكر ذلك ويطعنون فيه ويقولون: قدري معتزلي وربما قالوا: ملحد مخالف لنص الكتاب وقد رأينا منهم الواحد والمائة والألف يجادل في هذا الباب فتارة يقولون: إن يوسف قعد من امرأة العزيز مقعد الرجل من المرأة، وتارة " يقولون: إن داود قتل أوريا لينكح امرأته، وتارة " يقولون: إن رسول الله صلى الله عليه وآله كان كافرا " ضالا " قبل النبوة وربما ذكروا زينب بنت جحش وقصة الفداء يوم بدر فأما قدحهم في آدم - عليه السلام - وإثباتهم معصيته ومناظرتهم من ينكر ذلك فهو دأبهم وديدنهم، فإذا تكلم واحد في عمرو بن العاص أو في معاوية وأمثالهما ونسبهم إلى المعصية وفعل القبيح احمرت وجوههم وطالت أعناقهم وتخازرت أعينهم وقالوا: مبتدع رافضي يسب الصحابة ويشتم السلف، فإن قالوا: إنما اتبعنا في ذكر معاصي الأنبياء نصوص الكتاب.
قيل لهم: فاتبعوا في جميع العصاة نصوص الكتاب فإنه تعالى قال: لا تجد قوما " يؤمنون بالله واليوم الآخر يوادون من حاد الله ورسوله، وقال: فإن بغت إحداهما على الأخرى فقاتلوا التي تبغي حتى تفيئ إلى أمر الله، وقال: أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم.
ثم يسألون عن بيعة علي - عليه السلام - هل هي صحيحة لازمة لكل الناس فلا بد من: بلى، فيقال لهم: فإذا خرج على الإمام الحق خارج أليس يجب على المسلمين قتاله حتى يعود إلى الطاعة فهل يكون هذا القتال إلا البراءة التي نذكرها لأنه لا فرق بين الأمرين وإنما برئنا منهم لأنا لسنا في زمانهم فيمكننا أن نقاتل بأيدينا فقصارى أمرنا الآن أن نبرأ منهم ونلعنهم ويكون ذلك عوضا عن القتال الذي لا سبيل لنا إليه.
قال هذا المتكلم:
على أن النظام وأصحابه ذهبوا إلى أنه لا حجة في الاجماع وأنه يجوز أن تجتمع الأمة على الخطأ والمعصية وعلى الفسق بل على الردة وله كتاب موضوع في الاجماع يطعن فيه في أدلة الفقهاء ويقول: إنها ألفاظ غير صريحة في كون الاجماع