قرون الدنيا وهو أحد القرون التي ذكرها في النص وكان ذلك القرن هو القرن الذي قتل فيه الحسين وأوقع بالمدينة وحوصرت مكة ونقضت الكعبة وشربت خلفاؤه والقائمون مقامه والمنتصبون في منصب النبوة الخمور وارتكبوا الفجور كما جرى ليزيد ابن معاوية وليزيد بن عاتكة وللوليد بن يزيد وأريقت الدماء الحرام وقتل المسلمون وسبى الحريم واستعبد أبناء المهاجرين والأنصار ونقش على أيديهم كما ينقش على أيدي الروم وذلك في خلافة عبد الملك وإمرة الحجاج، إذا تأملت كتب التواريخ وجدت الخمسين الثانية شرا كلها لا خير فيها ولا في رؤسائها وأمرائها والناس برؤوسائهم وأمرائهم، والقرن خمسون سنة فكيف يصح هذا الخبر؟!
قال:
فأما ما ورد في القرآن من قوله تعالى: لقد رضى الله عن المؤمنين، وقوله: محمد رسول الله والذين معه، وقول النبي - صلى الله عليه وآله -: إن الله اطلع على أهل بدر إن كان الخبر صحيحا " فكله مشروط بسلامة العاقبة ولا يجوز أن يخبر الحكيم مكلفا غير معصوم بأنه لا عقاب عليه فليفعل ما شاء.
قال هذا المتكلم:
من أنصف وتأمل أحوال الصحابة وجدهم مثلنا يجوز عليهم ما يجوز علينا ولا فرق بيننا وبينهم إلا بالصحبة لا غير، فإن لها منزلة وشرفا " ولكن لا إلى حد يمتنع على كل من رأى الرسول أو صحبه يوما " أو شهرا " أو أكثر من ذلك أن يخطئ ويزل، ولو كان هذا صحيحا ما احتاجت عائشة إلى نزول براءتها من السماء بل كان رسول الله - صلى الله عليه وآله - من أول يوم يعلم كذب أهل الإفك لأنها زوجته وصحبتها له آكد من صحبة غيرها. وصفوان بن المعطل أيضا " كان من الصحابة فكان ينبغي أن لا يضيق صدر رسول الله - صلى الله عليه وآله - ولا يحمل ذلك الهم والغم الشديدين الذين حملهما، ويقول: صفوان وعائشة من الصحابة والمعصية عليهما ممتنعة، وأمثال هذا كثير وأكثر من الكثير لمن أراد أن يستقرئ أحوال القوم وقد كان التابعون يسلكون بالصحابة