ومنافع للناس وإثمهما أكبر من نفعهما " (1) فلما نزلت هذه الآية أحس القوم بتحريم الخمر (2) وعلموا أن الاثم مما ينبغي اجتنابه، ولا يحمل الله عز وجل عليهم من كل طريق، لأنه تعالى قال: ومنافع للناس، ثم نزل آية أخرى: " إنما الخمر والميسر والأنصاب والأزلام رجس من عمل الشيطان فاجتنبوه لعلكم تفلحون " (3) فكانت هذه الآية أشد من الأولى وأغلظ في التحريم، ثم ثلث بأية أخرى فكانت أغلظ من الآية الأولى والثانية وأشد فقال عز وجل: " إنما يريد الشيطان أن يوقع بينكم العداوة والبغضاء في الخمر والميسر ويصدكم عن ذكر الله وعن الصلاة فهل أنتم منتهون " (4) فأمر باجتنابها وفسر عللها التي لها ومن أجلها حرمها، ثم بين الله تحريمها وكشفه في الآية الرابعة مع ما دل عليه في هذه الآي المتقدمة بقوله عز وجل:
" قل إنما حرم ربي الفواحش ما ظهر منها وما بطن والاثم والبغي بغير الحق " (5) وقال في الآية الأولى: " يسئلونك عن الخمر والميسر قل فيهما إثم كبير ومنافع للناس " (6) ثم قال في الآية الرابعة: " قل إنما حرم ربي الفواحش ما ظهر منها وما بطن والاثم " (7) فخبر (8) أن الاثم في الخمر وغيرها وأنه حرام، وذلك أن الله إذا أراد أن يفرض (9) فريضة أنزلها شيئا بعد شئ حتى يوطن الناس أنفسهم عليها ويسكنوا إلى أمر الله عز وجل ونهيه فيها، وكان ذلك من فعل الله عز وجل على وجه التدبير فيهم أصوب لهم (10) وأقرب لهم إلى الاخذ بها وأقل لنفارهم عنها.