مصداق.
ويدلك على ذلك ما رواه الخطيب البغدادي بسنده عن عبد الرحمن بن الأسود عن أبيه قال: جاء علقمة بكتاب من مكة - أو اليمن - صحيفة فيها أحاديث في أهل البيت، بيت النبي صلى الله عليه وآله، فاستأذنا على عبد الله فدخلنا عليه، قال: فدفعنا إليه الصحيفة، قال: فدعا الجارية ثم دعا بطست فيها ماء.
فقلنا له: يا أبا عبد الرحمن انظر فيها، فإن فيها أحاديث حسانا، فجعل يميثها فيه ويقول: (نحن نقص عليك أحسن القصص بما أوحينا إليك هذا القرآن) (3) القلوب أوعية فاشغلوها بالقرآن، ولا تشغلوها بما سواه (4).
ولهذا - أيضا - لم يشمل المنع الأحكام، لأن الأحكام لا تمس السلطة بشئ، ولذلك نرى عمر يقول: أقلوا الرواية عن رسول الله إلا فيما يعمل به (5).
وكان هذا المنع - وما رافقه وجاء بعده من أمور - سببا لما عرف ب (وضع الحديث).
وإذا عرفنا معنى الوضع وإنه الكذب بعينه ويتدرج تحت عقوبة الحديث الشريف (من كذب علي متعمدا..) أمكننا القول أن الوضع بدأ منذ عصر الرسول صلى الله عليه وآله حيث أخرج الطحاوي في مشكل الآثار عن بريدة قال:
جاء رجل إلى قوم في جانب المدينة، فقال: إن رسول الله (صلى الله عليه وآله) أمرني أن أحكم برأيي فيكم، في كذا وكذا وقد كان خطب امرأة منهم في الجاهلية، فأبوا أن يزوجوه، فبعث القوم إلى النبي (صلى الله عليه وآله) يسألونه، فقال: (كذب عدو الله). ثم ارسل رجلا فقال: (إن أنت وجدته حيا فاضرب عنقه، وما أراك تجده حيا، وإن وجدته ميتا فاحرقه). فوجده قد لدغ فمات، فحرقه، فعند ذلك قال النبي: