وظل ممدود).
ولم يكد هذا الحديث يبلغ كعبا! حتى أسرع فقال - كما روى ابن جرير -:
صدق والذي أنزل التوراة على موسى! والفرقان على محمد، لو إن رجلا ركب (حقه) أو (جذعة) (1) ثم دار بأعلى تلك الشجرة ما بلغها حتى يسقط هرما! إن الله تعالى غرسها بيده، ونفخ فيها من روحه، وإن افنانها لمن وراء ستار الجنة، وما في الجنة نهر إلا وهو يخرج من أصل هذه الشجرة (2).
ومن كيد كعب إنه كان يتكهن بالمغيبات، ولنضرب لذلك - هنا - مثلا واحدا نجتزئ به، فعندما اشتعلت نيران الفتنة في زمن عثمان واشتد زفيرها، حتى التهمت عثمان فقتلته وهو في بيته، لم يدع هذا الكاهن الماكر هذه الفرصة دون أن يهتبلها بل أسرع ينفخ في نارها ويسهم بكيده اليهودي فيها ما استطاع إلى ذلك سبيلا، وقد كان من كيده في هذه الفتنة أن أرهص - بيهوديته - بأن الخلافة بعد عثمان ستكون لمعاوية! فقد روى وكيع عن الأعمش عن أبي الصباح (3) إن الحادي كان يحدوا بعثمان يقول:
إن الأمير بعده علي وفي الزبير خلق رضي فقال كعب الأحبار: بل هو صاحب البغلة الشهباء! (يعني معاوية) وكان يراه يركب بغلة. فبلغ ذلك معاوية فأتاه فقال: يا أبا إسحاق ما تقول هذا! وها هنا علي والزبير وأصحاب محمد (صلى الله عليه وآله)! قال: أنت صاحبها. ولعله أردف ذلك بقوله: أني وجدت ذلك في الكتاب الأول!! (4).
وفي زمان معاوية كان كعب في الشام، وقد قربه وأدناه وكان يسأله عن أمور .