وحرموا حرامه (1).
ولم تطل أيام أبي بكر، ولذلك لم يصدر منه كلام كثير حول تدوين الحديث في عصره، ولكن هناك إشارات إلى إن الصحابة لم يبالوا بنهيه واستمروا على الكتابة.
وعندما استخلف عمر فكر في أول أمره - كما فكر قبله أبو بكر - في أن يكتب السنن، ثم لم يلبث أن عدل عن ذلك.
فعن عروة بن الزبير إن عمر بن الخطاب أراد ان يكتب السنن، فاستفتى أصحاب النبي في ذلك، فأشاروا عليه بأن يكتبها، فطفق عمر يستخير الله شهرا ثم أصبح يوما وقد عزم الله له، فقال: أني كنت أريد ان أكتب السنن، وإني ذكرت قوما كانوا قبلكم كتبوا كتابا، فأكبوا عليها وتركوا كتاب الله، وأني والله لا أشوه كتاب الله بشئ ابدا (2).
وعن القاسم بن محمد بن أبي بكر قال: إن الأحاديث كثرت على عهد عمر ابن الخطاب فأنشد الناس أن يأتوه بها، فلما أتوه بها أمر بتحريقها (3).
وهذا يدل على إن الصحابة استمروا على الكتابة ولم يبالوا برأيه فيها - كما مر في الحديث السابق - ولذا أضطر أن يناشدهم ليأتوه بما عندهم من مجاميع الحديث. وحرقها.
وبعد ذلك تشدد في المنع فكتب إلى الأنصار: من كان عنده شئ فليمحه (4).
واستمرت هذه السنة من سنن عمر، كما استمرت غيرها من سننه، وقد ساعد على بقائها طول المدة، ودقة الخطة في المنع، وشدة الأمر.
فمما يدلك على دقة خطة المنع ما رواه قرظة بن كعب، قال: