ووجهاء من شيعة وسنة من دمشق وخارجها.
ولم يبق (الشهيد) هذه الفترة الطويلة في (دمشق) عاطلا عن العمل والنشاط، ولم ينتقل من (جزين) إلى (دمشق) لغير سبب ولم يكن الشهيد بالشخص العاطل المهمل في الحياة، فقد حاول أولا أن يكون لنفسه مكانة مرموقة في الأوساط الاجتماعية والفكرية، وهو عمل جبار إذا لا حظنا الظروف التي عاشها (الشهيد) والفجوات الكبيرة التي كانت بين (السنة والشيعة) في ذلك الوقت.
وحاول ثانيا أن يستغل نفوذه في الأوساط السياسية، ومكانته الفكرية في الإصلاح. والتوجيه، وتوحيد الكلمة، والضرب على أيدي العابثين والمغرضين، فأخمد ثورة (اليالوش) المتنبي، وملأ الفجوات التي كانت تفصل (الشيعة عن السنة) وقلص حدود الخلافات المذهبية والطائفية.
وقد كان الخلاف في وقته قائما على قدم وساق بين (السنة والشيعة) ومن ورائها كانت الصليبية تغذيها وتلهمها بمختلف الوسائل وكانت الحكومات تجد في ذلك كله إلهاءا لذهنية المسلمين، وتخديرا لنفوسهم.
صلات الشهيد مع حكومات عصره:
ولسنا نعلم هل كان بين (برقوق) والخليفة العباسي، وبين الشهيد صلات قائمة، وعلاقات شخصية أم لا، وإنما نعلم أن (الشهيد (كان في وقته شخصية اجتماعية، وفكرية مرموقة في دمشق، وليس في دمشق فقط، فقدر له أن يزور أكثر حواضر العالم الإسلامي في وقته، وأن يتصل بطبقات العلماء والوجهاء، وأن يسمعهم ويستمع إليهم، ويكون معهم روابط اجتماعية.
وفيما بين أيدينا من كتب التاريخ لا نجد في معاصري (الشهيد) شخصية علمية واجتماعية تبلغ مستوى الشهيد من الشهرة والثقافة.