احتل (الشهيد) في المدة التي عاش فيها بدمشق مكانة اجتماعية راقية فكان موضع حفاوة الطبقات المختلفة، واكتسب شعبية كبيرة، وأصبح ملجأ للناس في حاجاتهم. وللعلماء في التدريس (سنة وشيعة) كما التف حوله كثير من أقطاب السياسة والحكم في دمشق. وخارج دمشق.
واستطاع أن يتجاوز بنفوذه الروحي والإسلامي حدود (سوريا والعراق) ويشد الملوك والحكام من الأطراف إليه، كان منهم (علي بن مؤيد) ملك (خراسان) فيما يحدثنا به التاريخ.
ولا يستطيع الباحث أن يقول: إن اتصالات (الشهيد) السياسية كانت مقتصرة على الزعماء السياسين في (دمشق والعراق وإيران) وإنما كان ذلك نموذجا من اتصالات الشهيد بزعماء الدول الإسلامية في وقته احتفظ لنا التاريخ، ولم يضع معالمه.
ذلك كله يدلنا على أن (الشهيد) استطاع أن يحقق لنفسه في هذه المدة مكانة سياسية واجتماعية خطيرة جعلت حكومة (بيدمر) بدمشق تخشاه وتحسب له ألف حساب.
فقد كانت الحكومة يومذاك ضعيفة تخاف كل حركة داخل البلاد وخارجها. به خافت على نفسها منه فحاولت أن تقضي عليه لتأمن جانبه.
هذا من الجانب السياسي. ومن الجانب العلمي كان علماء البلاط (القضاة) يومذاك قبل هجرة الشهيد إلى دمشق وتمركزه فيها لهم مكانة اجتماعية ودينية بين الناس. فحين عرف الناس مكانة الشهيد، وألفوا سعة صدره التفوا حوله وانحسروا عنهم. فضعفت مكانتهم الاجتماعية، ووجدوا في بقاء (الشهيد) خطرا على مصالحهم ومكانتهم.
وكان من هؤلاء العلماء (برهان الدين ابن جماعة (1) كان رجلا من