وإنجازاته ينبغي أن ندرس قبل ذلك الظروف الاجتماعية والسياسية التي عاصرها الشهيد، والاتجاهات الدينية والسياسية السائدة في عصره، لنلمس من وراء ذلك موقف الشهيد من هذه الحركات والاتجاهات وأثره في الحياة الاجتماعية، ونوعية الدعوة التي كان يقوم بأعبائها في حقل العمل الاجتماعي: من إصلاح وتوجيه وبناء.
أما أن نستعرض حوادث من (حياة الشهيد) ومواقفه وشهادته مما ترددها كتب التراجم: من ميزان نحاول أن نربط بعضها ببعض، وأن نربطها جميعا بالظروف الاجتماعية التي كان يعيشها، وأن نملأ به بعد ذلك الفجوات والفراغات التي تلاحظ في ترجمة الشهيد، فهذا العمل - إن صح أن يكون ترجمة لحياة الشهيد - فلا يكون دراسة وبحثا عن حياة الشهيد ولذلك كله آثرنا أن نعبد الطريق للقارئ. لنشرف معه على سير الحياة الاجتماعية في عصر الشهيد، على أن لا نخرج عن هذا البحث من غير طائل كبير.
انحلال الدولة الإسلامية:
اتخذ (بنو العباس) سياسة قاسية بالنسبة إلى (الشيعة والعلويين) وغالى في هذا السلوك (المتوكل العباسي) بشكل فظيع.
وإذا علمنا أن (العلويين والشيعة) عامة كانوا من أهم عوامل ظهور (الدولة العباسية) وانحلال الحكم الأموي عرفناكم كانت (الشيعة) تعاني من هذا السلوك في ظلال الحكم العباسي. وكم كان يخالجهم الشعور بالندم على إسناد الحكم العباسي، وتدعيمه والاغترار بعهودهم، ولم يجد الشيعة أي مبرر لمثل هذا الضغط والعنف في السلوك من قبل الجهاز الحاكم.
وهذا ما حدى بهم إلى التفكير في الاستقلال عن حكومة بغداد العباسية ولكن قوة الحكم العباسي وامتداد سيطرتهم إلى أطراف البلاد كان يمنع