واجه (الشهيد) في حياته أيام كان يسكن (دمشق) مثل هذه الظروف العقائدية، والسياسية المرتبكة وكان أكثر ما يخشاه (الشهيد) أن يكون هذا الاضطراب مبعثا لظهور بدع جديدة في الدين، واتساع فجوة الخلاف بين (السنة والشيعة) فظهور الانشقاق في الطائفة عن طريق تسرب عناصر غريبة على كيان الطائفة لإحداث البلبلة والانشقاق داخل الكيان الشيعي.
وربما كان ذلك من أسباب اختيار (الشهيد) لدمشق موطنا لنفسه ليكون قريبا من الحركات الفكرية والسياسية، وليشرف على الوضع من قريب، فارتبط بكثير من أقطاب العلم والسياسة في وقته، وفسح من مجلس درسه وندوته اليومية في البيت، ليحضره أكبر عدد من العلماء والساسة.
ففي هذه الظروف، ورغم احتياطات (الشهيد) ظهر في جبل عامل شخص يسمى بمحمد الجالوش، أول (اليالوش)، ويقال: إنه كان من تلامذة الشهيد.
ومن الشيعة من قبل، يدعو إلى مذهب جديد ويستغل الوضع في توسيع فجوة الخلاف بين (السنة والشيعة) وإيجاد فجوة في الطائفة ذاتها.
ولا تحدثنا كتب التاريخ عن شكل هذه الدعوة الجديدة ومحتواها وعن الشخص والمدعو بالجالوش، أو اليالوش غير ما سمعت، ومع كثرة ما فحصنا في كتب التاريخ والتراجم التي تترجم رجال القرن الثامن الهجري لم نعثر على شخص بهذا الاسم، ولم نعثر على شرح أكثر عن هذه الدعوة.
إلا أن الذي يغلب على الظن أن الدعوة كانت مطبوع بطابع (التصوف) والإيمان بوحدة الوجود، ويبدو أن (الجالوش) كان خطيبا متكلما لذقا، حلو البيان مشعوذا، استطاع أن يشد إلى دعوته الجديدة ناسا من السذج من (الشيعة والسنة) فأربك الوضع (الشهيد) وخاف أن تشيع هذه البدعة الجديدة، ويتسع إطارها، ويكون خطرا جديدا على كيان الأمة، وفجوة جديدة في جسم