الأولية فنقول:
أما الصورة الأولى التي ذكرها في الشرائع فمع علمه بالاضرار وان فعله هذا يكون سببا لتلف مال الغير فلا وجه لتخيل عدم الضمان بصرف إذن الشارع في هذه الفعل لان الإذن الشرعي لا يرفع الآثار الوضعية فلو أذن الشارع في أكل الميتة من باب الاضطرار فلا يرفع هذا الاذن نجاستها.
بل يمكن أن يقال: إن هذه الصورة من مصاديق الاتلاف مباشرة وليس من التسبيب لأنه إذا علم أنه يترتب على فعله هذا غرق مال الغير أو احتراقه أو جفاف شجر الجار القريب من النار التي أججها ولو كانت النار في ملكه فهو من مصاديق الاتلاف بالمباشرة حقيقة.
هذا مع أن كونه مأذونا في إرسال الماء في ملكه أو تأجيج النار فيه في هذه الصورة كلام بيناه في قاعدة لا ضرر.
وأما القول بان قاعدة الاتلاف لم ترد بهذه الألفاظ في رواية من من طرقنا وان اشتهرت في الألسنة والأفواه فليست دليلا لفظيا كي نتمسك باطلاقها كما ذكره صاحب الجواهر. 1 ففيه أنه بينا في صدر البحث عن هذه القاعدة وقلنا إننا وان لم نجد رواية بهذه الألفاظ لا من طرقنا ولا من طرق الجمهور، ولكن مضمون هذه القاعدة مروية بالسنة مختلفة فتكون من القواعد المصطادة من الموارد المختلفة من الروايات مضافا إلى كونها بهذه الألفاظ من المسلمات بين الخاصة والعامة ولا يزال يستدل الفقهاء عموما بهذه القاعدة على الضمان في الموارد الجزئية المشكوكة.
فلو سلمنا أن مدركها الاجماع فقط يكون معقده مطلق فيكون حالها حال الدليل اللفظي فيتمسك باطلاقها.