الرباط عن القربة بحيث يكون موجبا لإسالة ما فيها من دهن أو لبن أو دبس أو غيره من المايعات يكون من قبيل المسبب التوليدي كالالقاء في النار والاحراق.
ففك الرباط بعنوانه الأولي فك رباط وبعنوانه الثانوي هو إسالة المايع الذي في تلك القربة. وان أنكرت ذلك فلا أقل من أنه من باب العلة التامة والمعلول.
هذا فيما إذا كان سيلان ما في الظرف مترتبا على إزالة الوكاء كما هو المفروض.
وإلا لو لم يكن كذلك بل كان سيلان ما فيه متوقفا على أمر آخر زائدا على إزالة الوكاء كان يقلبه الريح أو طائر أو على إذابة الشمس له. فهو الشق الآخر الذي ذكره وقال فيه بعدم الضمان معللا بان الريح والشمس كالمباشر فيبطل السبب. وإن كان هذا الكلام أيضا محل تأمل بل إشكال لما ذكرنا وتقدم بان كل فعل صدر من فاعل عاقل مختار وكان عادة سببا لوقوع التلف ولم يتوسط بين ذلك السبب والتلف فعل فاعل عاقل مختار وان توسط أمر آخر وعلة أخرى كالريح والطائر والشمس فيكون الضمان على ذي السبب. ولا يبطل حكم السبب إلا بتوسيط فعل فاعل عاقل مختار.
فتلخص مما ذكرنا أن الضمان في مسألة إزالة الوكاء يكون من باب الاتلاف بالمباشرة وليس من قبيل الضمان بالتسبيب.
وأما في مسألة فتح رأس الظرف واسالة ما فيه من المايع بواسطة إذابة الشمس لما فيه يكون من باب التسبيب.
نعم لو لم يكن فتح رأس الظرف سببا لوقوع التلف عادة وإنما وقع التلف من باب الاتفاق كما أنه فتح رأس الظرف في الغرفة ومن باب الاتفاق دخل فيها طائر وقلبتها فلا ضمان في هذه الصورة كما أن في صورة تقليب الريح أيضا كذلك لو لم يكن الظرف في مهب الريح وعلى خلاف المتعارف والعادة هبت ريح وقلبته فأيضا لا ضمان لما ذكرنا من أن في الضمان بالتسبيب لا بد وأن يكون فعل ذي السبب سببا لوقوع التلف بحسب العادة لا بصرف الاتفاق.