والأوفق بالقواعد هو الاحتمال الثالث لان الدليل على رجوع كل واحد من الإمام والمأموم إلى الآخر هذه الروايات لان الاجماع أيضا كما بينا بالآخرة ينتهي إلى هذه الروايات وهي لا تدل إلا على رجوع المأموم الشاك إلى الامام لا إلى المأموم الآخر المتيقن ولا إلى الامام الشاك ولو بعد رجوعه إلى المتيقنين من المأمومين كما شرحنا.
ولكن مع ذلك كله الاحتمال الأول لا يخلو عن قوة لأنه بعد رجوع الامام الشاك إلى المأموم المتيقن الحافظ لعدد الركعات وحكم الشارع بأنه صار بمنزلة المتيقن وألغى شكه فموضوع الرجوع إليه يوجد بحكم الشارع.
وأما الاحتمال الثاني - أي رجوع المأموم الشاك إلى المأموم المتيقن - فخارج عن مدلول هذه الروايات قطعا لان مدلولها رجوع الامام إلى المأموم ورجوع المأموم إلى الامام لكن في صورة كون الذي يرجع إليه إماما كان أو مأموما حافظا لعدد الركعات واما رجوع المأموم إلى المأموم فلا أثر له في هذه الأخبار.
وليس هاهنا دليل آخر يدل على رجوع المأموم إلى المأموم وما ذكرنا في وجه هذا الاحتمال ليس إلا استحسانا شبيها بالقياس.
ومما ذكرنا ظهر الحال فيما إذا قامت بينة على تعيين الركعات عند بعض المأمومين دون بعضهم الآخر وأيضا قامت بينة عند الامام فهل المأموم الشاك الذي لم تقم عنده بينة يرجع إلى الامام لأنه صار حافظا بواسطة قيام البينة أو يرجع إلى المأموم الذي قامت عنده لأنه أيضا صار حافظا بواسطة قيام البينة أو لا إلى هذا ولا إلى ذاك؟
وقد عرفت أن رجوع المأموم إلى المأموم لا دليل عليه إلا ما هو من قبيل الاستحسان الذي هو شبيه بالقياس.
وأما احتمال الرجوع إلى الامام في هذا الفرض أقوى من الفرض السابق لان الامام بواسطة قيام البينة عنده يصير حافظا واقعا لان البينة من الامارات وتقوم