وعلى كل حال ظاهر الجملة المذكورة في الآية الشريفة هو هذا المعنى، فلا ربط لها بالاستخارة والنهي عنها.
ثم إنه على تقدير كون معنى الجملة ما ذكروه فالمراد بها ما حكاه الطبري في تفسيره في الجزء السادس عن ابن إسحاق قال: كانت هبل أعظم أصنام قريش بمكة وكانت على بئر في جوف الكعبة، وكانت تلك البئر هي التي يجمع فيها ما يهدى للكعبة، وكانت عند هبل سبعة أقداح، كل قدح فيه كتاب، قدح فيه (الغفل) إذا اختلفوا في الغفل من يحمله منهم ضربوا بالقداح السبعة:
قدح فيه (نعم) للأمر إذا أرادوه يضرب به فإن خرج قدح (نعم) عملوا به.
وقدح فيه (لا) فإذا أرادوا أمرا ضربوا به في القداح، فإذا خرج ذلك القدح لم يفعلوا ذلك الأمر. وقدح فيه (منكم)، وقدح فيه (ملصق) وقدح فيه (من غيركم)، وقدح فيه (المياه) إذا أرادوا أن يحفروا للماء ضربوا بالقداح وفيها ذلك القدح، فحيثما خرج عملوا به.
وكانوا إذا أرادوا أن يجتنبوا غلاما، أو أن ينكحوا منكحا، أو أن يدفنوا ميتا، أو يشكوا في نسب واحد منهم ذهبوا إلى هبل بمائة درهم وبجزور، فأعطوها صاحب القداح الذي يضربها ثم قربوا صاحبهم الذي يريدون به ما يريدون، ثم قالوا: يا إلهنا هذا فلان بن فلان أردنا به كذا وكذا فاخرج الحق فيه. ثم يقولون لصاحب القداح:
اضرب، فيضرب فإن خرج عليه (من غيركم) كان حليفا، وإن خرج (ملصق) كان على منزلته منهم لا نسب له ولا حلف، وإن خرج شئ سوى هذا مما يعملون به (نعم) عملوا به، وإن خرج (لا) أخروه عامهم ذلك حتى يأتوا به مرة أخرى ينتهون في أمورهم إلى ذلك مما خرجت به القداح (1).
فلو فرضنا أن هذا هو المراد بالاستقسام بالأزلام في الآية الشريفة - وليس