جريان قاعدة التجاوز إلا بالدخول في الغير.
وأما بالنسبة إلى الجزء الأخير، كالتسليم في باب الصلاة يمكن أن يقال: إن التجاوز لا يصدق إلا بعد الدخول في شئ غير الصلاة من تعقيب، أو فعل ما هو مناف للصلاة.
ولكن التحقيق: أن السكوت الطويل هاهنا يوجب تحقق عنوان التجاوز وتجري قاعدة التجاوز، من دون أن يكون الدخول في الغير في البين، فما أفاده شيخنا الأستاذ (قدس سره) من اعتبار الدخول في الغير في قاعدة التجاوز مطلقا (1) ليس كما ينبغي.
وأما في قاعدة الفراغ، فإذا كان منشأ الشك في صحة العمل ما عدا الجزء الأخير فبإتيان الجزء الأخير يصدق الفراغ والتجاوز إذا كان إتيان معظم الأجزاء معلوما، من دون الاحتياج إلى الدخول في الغير. وأما إذا كان المنشأ هو الشك في إتيان الجزء الأخير فربما يقال بأنه لا يصدق الفراغ إلا بالدخول في الغير، بل ربما يقال بعدم صدق الفراغ ما لم يحرز إيجاد الجزء الأخير بالوجدان أو بالتعبد.
ولكن التحقيق: أنه إذا كان إتيان معظم الأجزاء محرزا وكان في حالة منافية للصلاة مثلا، يصدق الفراغ والتجاوز ولو كان العمل مما له صورة وهيئة اتصالية، فالسكوت الطويل القاطع للهيئة الاتصالية أيضا يوجب صدق عنوان الفراغ، إذا كان قد أتى بمعظم الأجزاء مع عدم دخوله في الغير.
والحاصل: أن الدخول في الغير ليس مما يعتبر في تحقق عنوان الفراغ، فإن كان فلا بد وأن يكون بتعبد شرعي، وطريق إثباته ملاحظة الأدلة الواردة في هذا الباب.
فنقول: في رواية زرارة قال عليه السلام: (يا زرارة إذا خرجت من شئ ثم دخلت في غيره فشكك ليس بشئ) وفي رواية إسماعيل بن جابر (كل شئ شك فيه مما قد جاوزه ودخل في غيره فليمض عليه). وظاهر هاتين الروايتين اعتبار الدخول في