موضوعا للرفع في الآية الشريفة هو الحرج الشخصي لا النوعي، كما هو كذلك: لأنه ليس في أغلب المحرمات الكبيرة كالزناء بذات البعل وأمثاله إلا ويكون تركها لبعض الإشخاص حرجيا، ولا شك في أن الفقيه لا يرضى من نفسه أن يفتى بجواز ارتكاب ذلك المحرم.
ولعل السر في ذلك أن هذا الحكم - أي رفع الحكم الحرجي - من اللطف والامتنان على العباد، وإيقاع المكلف في المفسدة العظيمة المترتبة على ذلك المحرم والذنب الكبير برفع الإلزام عنه خلاف اللطف والامتنان.
مثلا الشخص الذي له عطف ورأفة على ولده الوحيد العزيز عنده، يأمره بما فيها المصالح له، وينهاه عن الأفعال التي فيها مفاسد على اختلاف تلك المصالح والمفاسد خفة وشدة، وقلة وكثرة، وصغرا وكبرا، كل تلك الأوامر والنواهي من باب اللطف والشفقة عليه، حتى أن إعمال المولوية والوعد على الامتثال، والوعيد على العصيان كل ذلك من باب اللطف والإحسان إليه، لأن لا يفوت منه المصالح، ولا يقع في المفاسد خصوصا إذا كانت المفاسد عظيمة.
فإذا قال لذلك الولد: التكاليف التي وجهتها إليك إذا كان العمل على طبقها وامتثالها شاقا عليك وتقع في الضيق من ناحية العمل بها والجري على وفقها، فهي مرفوعة عنك ولا تضيق على نفسك وأنت في سعة. وعلمنا أن صدور هذا الكلام من ذلك الوالد الرؤوف من باب اللطف والامتنان على ذلك الولد، فهل نفهم منه أنه رخصة في كل ما فيه مفسدة عظيمة، أو ترك كل ما فيه مصلحة ملزمة عظيمة؟ كلا، ثم كلا.
فاللازم على الفقيه في مقام إجراء هذه القاعدة أن يعمل النظر، ويهتم غاية الاهتمام بأن يكون المورد مما لا يرضى الشارع بتركه ولو كان الفعل حرجيا شاقا على المكلف، كالواجبات التي بني الإسلام عليها، كالصلاة، والزكاة، وصوم شهر رمضان،