كما أن وقع الثلاثة كذلك بل الغالب وقوع الوسط وهو ثمانية أو سبعة أو ستة فيكون ذلك إشارة إلى بيان أكثر أيامه في الغالب لا مطلقا احتج الشافعي بأن النبي (عليه السلام) قال دعى الصلاة يوم قرؤك من غير فصل بين عدد القليل والكثير وهذا يدل على أن أقل الحيض يوم واحد وعلى الكثرة بأنا لشهر في حق الآيسة و الصغيرة أقيم مقام حيض وطهر فجعل العدة ثلاثة أشهر مكان ثلاثة قروء فينقسم عليها نصفين وأيضا فإنه غير محدود في الشريعة واللغة فيجب الرجوع فيه إلى العرف والعادة وقد وجد حيضا معتادا يوما قال عطا رأيت من النساء من تحيض يوما وتحيض خمسة عشرة وقال أحمد بن حنبل حدثني يحيى بن آدم قال سمعت شريكا يقول عندنا امرأة تحيض كل سنة خمسة عشر يوما وقال ابن المنذر قال الأوزاعي عندنا امرأة تحيض غدوة وتطهر عشاء يرون انه حيض تدع له الصلاة وقال الشافعي رأيت امرأة أثبت لي عنها أنها لم تزل تحيض يوما لا تزيد عليه وأثبت لي عن نساء أنهن لم يزلن يحضن أقل من ثلاثة أيام وذكر إسحاق بن راهويه عن بكير بن عبد الله المزني أنه قال تحيض امرأتي يومين وهذا يدل على أن أقل الحيض يوم واحتجوا أيضا بما رووه عن علي (عليه السلام) أنه قال في صفة النساء أنهن ناقصات عقل ودين فقيل وما نقصان دينهن قال تلبث شر دهرها في بيتها لا تصلي وذلك يدل على أن أكثر الحيض نصف الشهر واحتج مالك بأنه لو كان لأقله حد لكانت المرأة لا تدع الصلاة حتى يمضي ذلك الحد وأيضا قال الله تعالى فاعتزلوا النساء في المحيض وذلك عام في الأقل والأكثر والجواب عن الأول: أنه ليس فيه تقدير بيوم بل فيه بيان بأنها لا تصلي في وقت الحيض ونحن نقول به وعن الثاني: بالمنع من اعتداد الآيسة والصغيرة أو لا لما يأتي وثانيا لو سلم لم قلتم أنه لأجل قيام ثلاثة أشهر مقام ثلاثة أقراء بل لعله أراد به الاستظهار فإن الاعتذار بالاقراء يحصل معه القطع بخلو الرحم أما بالأشهر فأوجب الأكثر من الأقراء للاستظهار وعن الثالث: إنما قدمنا أنه محدود من حيث النقل عن النبي (صلى الله عليه وآله) في حديث أبي أمامة وحديث واثلة وما رووه عن أكثر أصحاب كعلي (عليه السلام) وعمرو بن مسعود و غيرهم ممن نقلن عنهم لهذا لا نعرف قياسا فالنقل عن واحد منهم كروايته عن النبي (صلى الله عليه وآله) وما رويناه عن أهل البيت (عليهم السلام) فكيف يصح ادعاء عدم التقرير الشرعي وما نقلوه عن النساء فضعيف لا يعارض الأحاديث النبوية وآثار أهل البيت (عليهم السلام) وعن الرابع: أن الشطر لا يراد به النصف ها هنا لعدم تطرق الحلف إلى كلامه (عليه السلام) فيحمل على ما يقارب النصف على أنهم أخذوا الشطر بالنسبة إلى الشهر فهو غير مذكور في كلامه (عليه السلام) ولقائل أن يقول يجوز اعتباره بالنسبة إلى النسبة فإنها إذا لبثت عشرة حائضا وعشرة طهرا وهكذا حصل من ذلك مساواة ترك الصلاة لفعلها في الأزمنة ويناسبه ان الدهر في اللغة الزمان الطويل وذلك لا يناسب الشهر وعن الخامس: بالمنع عن الملازمة في ذات العادة بناء على الغالب وبالتزامها و بالمنع من إبطال الثاني في المبتدأ وسيأتي البيان وعن السادس: ان الآية مجملة من حيث المقدار وبيانه في حديث أبي أمامة وواثلة وأحاديث الأئمة (عليهم السلام) وقد تقدمت.
* مسألة: هل يشترط في ثلاثة أيام التوالي أم لا فيه للأصحاب قولان قال الشيخ في النهاية لا يشترط بمعنى أنها لو رأت الأول والثالث والخامس مثلا لكان حيضا وقال في المبسوط والجمل يشترط التتابع وبه قال ابن بابويه والسيد المرتضى واتفق الفريقان على أنه يشترط كون الثلاثة من جملة العشرة والقول الأول اختيار الحنفية احتج الشيخ على الأول بما رواه يونس عن بعض رجاله عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال فإذا رأت المرأة الدم في أيام حيضها تركت الصلاة فإن استمر بها الدم ثلاثة أيام فهي حائض وإن انقطع الدم بعد ما رأته يوما أو يومين اغتسلت وصلت وانتظرت من يوم رأت الدم إلى عشرة أيام فإن رأت في تلك العشرة أيام من يوم رأت الدم يوما أو يومين حتى يتم له ثلاثة أيام فذلك الذي رأته في أول الامر مع هذا الذي رأته بعد ذلك في العشرة هو من الحيض وإن مر بها من يوم رأت الدم عشرة أيام ولم ترى الدم فذلك اليوم واليومان الذي رأته لم يكن من الحيض إنما كان من علة وهذه الرواية مرسلة لا يعول عليها وروى الشيخ عن محمد بن مسلم عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال أقل ما يكون الحيض ثلاثة أيام وإذا رأت الدم قبل عشرة أيام فهي من الحيضة الأولى وإذا رأته بعد عشرة أيام فهي من حيضة أخرى مستقبلة وفي طريقها ابن فضال وهو ضعيف مع عدم إفادتها المطلوب أو لا دلالة فيها على أن الحيضة الأولى أقل من ثلاثة أيام دلت على أن ما تراه في العشرة فهو من الحيضة الأولى ونحن لا نسمي الدم حيضا إلا ما بلغ ثلاثة فصاعدا فمتى رأت الدم ثلاثا ثم انقطع ثم رأته في العشرة ولو تجاوز كان الجميع حيضا وقد روى هذه الرواية أيضا من طريق حسن عن محمد بن مسلم ولم يظفر بحديث سوى ما ذكرناه فلنرجع إلى الأصل وهو شغل الذمة بالعبادة المستفادة من الامر إلى أن يطهر المزيل. * مسألة: كل دم تراه المرأة ما بين الثلاثة إلى العشرة ثم ينقطع عليها فهو حيض ما لم يعلم أنها لعذرة أو قرح ولا اعتبار باللون وهو مذهب علمائنا أجمع لا نعرف مخالفا لأنه في زمان يمكن أن يكون حيضا فيكون حيضا و روى الجمهور عن عائشة أنها كانت تبعث إليها النساء بالدرجة فيها الكرسف فيها الصفرة والكدرة فتقول لا تعجلين حتى ترين القطنة البيضاء ومن طريق الخاصة ما رواه الشيخ في الحسن عن محمد بن مسلم عن أبي جعفر (عليه السلام) قال إذا رأت المرأة أقل من العشرة فهو من الحيضة الأولى وإن كان بعد العشرة فهو من الحيضة المستقبلة وهو لفظ مطلق ليس فيه تخصيص بلون دون آخر وروي في الصحيح عن محمد بن مسلم عن أبي جعفر (عليه السلام) قال فإن خرج فيها شئ من الدم فلا تغتسل وروى عن سماعة عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: قال قلت له المرأة ترى الطهر وترى الصفرة والشئ لا تدري أطهرت أم لا قال فإن كان كذلك فلتقم فلتلصق بطنها إلى حائط وترفع رجلها على حائط كما رأيت الكلب يصنع إذا أراد