موجب للغسل سواء قاربه الشهوة أو لا، به قال الشافعي، وقال أبو حنيفة وأحمد ومالك: لا يجب إلا مع الشهوة والدفق. لنا: ما رواه الجمهور عنه (عليه السلام) أنه قال: الماء من الماء، ورووا عنه (عليه السلام) أنه قال وفي المعنى الغسل وقوله (عليه السلام) لام سليم: إذا رأت المرأة ذلك فليغتسل ولم يعلق الحكم على غير الرواية وقوله (عليه السلام) لها: نعم إذا هي رأت الماء ولم يعلق على الشهوة ومن طريق الخاصة ما تقدم من الأحاديث الدالة على إيجاب الغسل مطلقا ولا ينافي ذلك الأحاديث الدالة على الايجاب مع قيد الشهوة لان دليل الخطاب وبالخصوص مع المنطوق الدال على الخلاف ولأنه مني خارج فأوجب الغسل كما لو خرج حال الاغماء ولأنه شئ نجس خارج من إحدى السبيلين فلا يعتبر في إيجاب الشهوة كالحيض احتج أبو حنيفة بما روي عن أم سليم أنها سألت النبي (صلى الله عليه وآله) عن المرأة ترى في منامها مثل ما يرى الرجل فقال: أتجد لذة بذلك فقالت نعم قال: فلتغتسل علق الاغتسال باللذة ولأنه ليس بمني بل تشبه لان المني هو الماء الذي تدفعه الشهوة فإذا انعدمت الشهوة لا يكون منيا بل أشبه البول فيجب منه الوضوء و الجواب عن الأول بأن تعليق الحكم على اللذة لا يدل على نفيه ما عداه إذ ذلك دليل خطاب لا يعمل به المحققون على أن السؤال ها هنا ليس لتعليق الحكم عليه واعتبار اللذة بل هو استعلام بما يشتبه حاله لا ما يتيقن أنه مني على أن الشهوة لا يعتبر في النوم اتفاقا وعن الثاني: أن الاسم معلق على الحقيقة المعينة باعتبار مقارنة الشهوة أو عدمها كما في حق النائم والمغمى عليه وغيرهما والعجب أن أبا حنيفة يذهب إلى أن الزيادة على النص نسخ فتقييد الماء بالشهوة زيادة لم يتناوله النص مستفادة من مفهوم قوله (عليه السلام) أتجد لذة مع أن المفهوم اختلفوا في أنه هل هو حجة أم لا وعلى القول بأنه حجة اختلفوا في أنه هل يجوز التخصيص به أم لا فكيف جوز النسخ به. برهان آخر: خروج المني موجب للغسل مطلقا عملا بالدوران في طرفي الوجود والعدم، أما في الوجود: نفي حال الانزال مع الاغماء والنوم، وأما عدما: فظاهر والدوران يقتضي العلية، لان من رأى مدارا من المدارات على ما ذكرنا من التعسر علة للدائر قطعا فنقول لو ثبت عدم علية غير هذا المدار من المدارات منضما إلى علية مدار ما وإلى عدم علية كل ما ليس بعلة في نفس الامر يلزم عليه هذا المدار ويلزم من هذا أن يكون علة في نفس الامر، أما المقدمة الأولى: فلان كل ما ليس بعلة في نفس الامر فهو ليس بعلة على هذا التقدير فينعكس بالنقيض إلى أن كل ما هو علة على هذا التقدير فهو علة في نفس الامر وأما المقدمة الثانية: فلان هذا المدار علة غير هذا التقدير وكل ما هو علة غير هذا التقدير فهو علة في نفس الامر وإن قال عدم الانزال مع الشهوة موجب لعدم الغسل بالدوران وجودا وعدما، أما وجودا: ففي صورة الانزال مطلقا وأما عدما: ففي صورة الانزال مع الشهوة وإذا كان الانزال مع الشهوة مدارا لم يكن مطلق الانزال مدارا وإلا لزم وجود الحكم وعدمه في صورة النزع قلت هذا لا يتم بالتخلف وتقريره أن يقول لو كان عدم الانزال مع الشهوة موجبا لعدم الغسل لزم أحد الامرين وهو أما عدم وجوب الغسل في صورة النزاع أو عدم إيجاب الانزال مطلقا للغسل لدلالة الدليل على كل واحد منهما أما على الأول: فلان الأصل ترتب المسبب على سبب وأما الثاني: فلانه لو كان الانزال مطلقا حينئذ موجبا للغسل لزم التعارض بين الموجب للوجوب والموجب لعدم الوجوب وهو على خلاف الأصل وثبت دلالة الدليل على كل واحد منهما فثبت أحدهما ويلزم من هذه الملازمة وعدم موجبية الانزال مع الشهوة لعدم الغسل لأنه لو ثبت أحد الامرين وهو أما موجبه عدم الانزال مع الشهوة لعدم وجوب الغسل لعدم وجوب الغسل في صورة النزاع لثبت عدم وجوب الغسل في فصل النائم والضمير عليه عملا بالعلة السالمة عن المعارض ودعواه واللازم منتف فينتفي أحدهما وإنما كان يلزم انتفاء موجبية عدم الانزال مع الشهوة لعدم وجوب الغسل أما إذا كان الواقع انتفاء موجبيته لعدم وجوب الغسل فظاهر وأما إذا كان الواقع انتفاء عدم وجوب الغسل في صورة النزاع فلان ما ذكرناه وهو الانزال مطلقا حينئذ يكون موجبا لوجوب الغسل لما ذكرنا من الدوران السالم عن معارضة عدم وجوب الغسل في صورة النزاع فيظهر من هذا أن المدار إذا كان معيبا والمقابل له شئ يتخلف عنه ضد المدعى ثم وإلا فلا. [الفرع الثاني] إذا تيقن الخارج مني وجب الغسل سواء خرج دافقا أو لا بشهوة أو لا في يقظة أو نوم بعلة كالضرب أو لا لان السبب وهو الخروج موجود في الجميع ولو أشتبه أعتبره الصحيح باللذة والدفق وفتور الجسد لرواية علي بن جعفر عن أخيه موسى (عليه السلام) وقد تقدمت ولان هذه الأمور مقارنة للمني في أغلب الأحوال فمع حصول الاشتباه يستند إليها أما المريض فلا يعتبر الدفق في حقه لضعف قوته والدفق غير ملازم للمني في حقه فلا يستند إليه ولا بد من الأخيرين ولما رواه الشيخ في الصحيح عن عبد الله بن أبي يعفور عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال قلت له الرجل يرى في المنام ويجد الشهوة فيستيقظ فلا يجد شيئا ثم يمكث الهوين بعد فخرج؟ قال: إن كان مريضا فليغتسل وإن لم يكن مريضا فلا شئ عليه قال قلت له: فما الفرق بينهما؟ قال: لان الرجل إذا كان صحيحا جاء الماء بدفقة قوية وإن كان مريضا لم يجئ إلا بعد.
وروى الشيخ في الصحيح عن معاوية بن عمار قال سألت أبا عبد الله (عليه السلام) عن الرجل احتلم فلما انتبه وجد بللا قليلا؟ قال: ليس بشئ إلا أن يكون مريضا فإنه يضعف فعليه الغسل. [الثالث] لو أحس بانتقال المني عند الشهوة فأمسك ذكره فلم يخرج فلا غسل وهو قول أكثر الفقهاء خلافا لأحمد فإنه أوجب الغسل وأنكر رجوع الماء. لنا: ما رواه الجمهور عن النبي (صلى الله عليه وآله) في خبر أم سليم قال إذا رأت المرأة ذلك فليغتسل علق الرواية وما رواه أبو داود عن النبي (صلى الله عليه وآله) أنه قال لعلي (عليه السلام) أن فضحت الماء فاغتسل والفضح خروجه على وجه