الانزال فيه تردد يلوح من كلام ابن إدريس الوجوب ويدل عليه كلام أمير المؤمنين (عليه السلام) قال الحد والرجم مشترك بينهما وهو قول الشافعي وأبي حنيفة وأحمد وكذا الغلام الموطوء يجب عليه الغسل. [الرابع] لو وطئ بهيمة قال الشيخ في المبسوط والخلاف لا نص فيه فلا يتعلق به الحكم وهو قول أبي حنيفة خلافا للشافعي وأحمد وكلام الشيخ قوي. [الخامس] لا فرق في الموطوء الآدمي بين أن يكون طايعا أو مكرها ونائما أو مستيقظا وكذا الواطي أو حيا أو ميتا خلافا لأبي حنيفة فإنه لم يوجب الغسل بوطئ الميتة. لنا: أنه إيلاج فرج في فرج حصل معه البقاء (الالتقاء) فيجب الغسل عملا بالأحاديث السالفة ولأنه إيلاج فرج آدمي فيجب الغسل كالحي احتج أبو حنيفة بأنه وطء غير مقصود فلا يتعلق الحكم به والجواب المنع من عدم القصد لضرورة توقف الفعل عليه إلا أن يعني بالقصد ما يكون متعلق الشهوة غالبا فينتقض بالعجوز الشوهاء ولو كان جماعه للميتة بعد غسلها لم يعد وهو أحد وجهي الشافعي. [السادس] لو غيب بعض الحشفة ولم ينزل لم يتعلق به حكم لأنه لم يوجد التقاء الختانين ولا ما هو في معناه لان غيبوبة الحشفة شرط للوجوب لرواية محمد بن إسماعيل الصحيحة قلت التقاء الختانين هو غيبوبة الحشفة قال نعم ولم يوجد فينتفي الوجوب. [السابع] لو انقطعت الحشفة ولم يكن له خلقة فأولج الباقي منه ذكره بقدر الحشفة وجب الغسل وتعلق به أحكام الوطي من المهر وغيره لرواية محمد بن مسلم الصحيحة عن أحدهما (عليه السلام) قال إذا أدخله فقد وجب الغسل والمهر والرجم وإن كان أقل من ذلك لم يجب. [الثامن] لو أولج ذكره في قبل خنثى مشكل ذكره أو أولج الخنثى المشكل ذكره أو وطئ أحديهما الآخر في قبله قال الشافعي لا يجب الغسل لاحتمال أن يكون زائدا ومع الانزال يختص الغسل بالمنزل ولو اشترك اشترك وفيه إشكال من حيث تعلق الحكم بالتقاء الختانين من غير اعتبار الزيادة والأصالة أما لو أولج الرجل في دبر الخنثى فإنه يجب الغسل عند السيد وهو الحق وبه قال الشافعي. [التاسع] لو وطئ الصبي أو وطئ الصبية ففي تعلق الحكم بهما نظر قال أبو حنيفة وأبو ثور يستحب لهما الغسل لعدم تعلق الاثم بهما فلا يتصور الوجوب في حقهما ولان الصلاة التي لا يجب الطهارة لها غير واجبة عليها فأشبهت الحائض وقال أحمد بالوجوب عملا بقوله (عليه السلام) إذا التقيا الختانان وجب الغسل ولا نعني بالوجوب التأثيم بتركه بل معناه انه شرط لصحة الصلاة والطواف وإباحة قراءة العزائم وإنما يأثم البالغ بتأخيره في موضع يتأخر الواجب بتركه ولذلك لو أخره في غير وقت الصلاة لم يأثم والصبي لا صلاة عليه فلا يأثم بالتأخير وبقي في حقه شرطا كما في حق الكبير وإذا بلغ كان حكم الحدث في حقه باقيا كالحدث الأصغر ينقض الطهارة في حق الكبير والصغير وهو الأقوى. أصل: الكفار مخاطبون بفروع العبادات في الأمر والنهي معا خلافا للحنفية مطلقا ولبعض الناس في الأوامر. لنا: المقتضى وهو العموم موجود كقوله: (ولله على الناس حج البيت يا أيها الناس اعبدوا ربكم) والمانع وهو الكفر لا يصلح مانعا لان الكافر متمكن من الاتيان بالايمان أو لا حتى يصير متمكنا من الفروع كما في حق المحدث ولقوله تعالى: (قالوا لم نك من المصلين) ولقوله تعالى: (ومن يفعل ذلك يلق آثاما) وذلك عائد إلى كل ما تقدم وقوله تعالى: (فلا صدق ولا صلى * ولكن كذب وتولى) ذمهم على الجميع وقوله: (ويل للمشركين الذين لا يؤتون الزكاة) ولان النهي يتناوله فيحد على الزنى فيتناوله الامر لان التناول ثم إنما كان لتمكنه من استيفاء المصلحة الحاصلة بسبب الاحتراز من المنهي عنه للمناسبة والاقران فوجب أن يكون متمكنا من استيفاء المصلحة الحاصلة بسبب الاقدام على المأمور به واحتجاجهم بأنه لو وجبت الصلاة لكانت أما حال الكفر أو بعده والأول باطل لامتناعه والثاني باطل للاجماع على سقوط القضاء لما فات حالة الكفر ولأنه لو كان واجبا لوجب القضاء كالمسلم والجامع تدارك المصلحة المتعلقة بتلك العبادات ضعيف أما الأول: فلانا فلا نعني بتكليفهم في الدنيا الاقدام على الصلاة مع الكفر ولا وجوب القضاء بل يتناول العقاب لهم في الآخرة على ترك الفروع كما حصل لهم على ترك الايمان وحينئذ يندفع ما ذكروه. وعن الثاني: بالمنع من الملازمة فإن القضاء يجب بأمر جديد وقياسهم منتقض بالجمعة وأيضا الفرق واقع لان في حق الكافر لو أمر بالقضاء حصل التنفر له عن الاسلام. [العاشر] إذا حصل السبب للكافر لحقه الحكم يعني تناوله العقاب في الآخرة فإذا أسلم يسقط عنه ما كان واجبا عليه ها هنا سواء اغتسل في حال كفر أو لم يغتسل وهو اختيار الشافعي وقال أبو حنيفة يسقط الغسل عنه لكن يستحب له. لنا: أنه جنب بعد الاسلام فيمنع من الصلاة إلا بالغسل لقوله: (وإن كنتم جنبا فاطهروا) وهو عام وأيضا قوله (عليه السلام) إذا التقى الختانان فوجب الغسل ولأنه لو كان محدثا حدثا أصغر لم يجز له الدخول في الصلاة إلا بالطهارة فكذا في الغسل ولأنه على تقدير أن لا يكون مكلفا يلزم عدم الغسل لان عدم التكليف غير مانع من الوجوب كالصبي والمجنون احتجوا بأنه لم ينقل عن النبي (صلى الله عليه وآله) أنه أمر أحدا بالغسل مع كثرة من أسلم من البالغين وهم غالبا لا يكادون يسلمون عن حدث الجنابة وبقوله (عليه السلام): الاسلام يجب ما قبله والجواب عن الأول: بالمنع من ترك الامر فإن قوله: إذا التقى الختانان وجب الغسل عام وقوله تعالى:
(وإن كنتم جنبا فاطهروا) عام أيضا ولو سلمنا ترك أمرهم به على التفصيل لكن لما علموا من دينه انهم بعد الاسلام مأمورون بأحكامه ومن جملة تلك الأحكام الصلاة المشرطة بالطهارة لا جرم كان ذلك كافيا في الامر لهم على أنه قد نقل أنهم أمروا بذلك روى أبو داود عن قيس بن عاصم قال أتيت النبي (صلى الله عليه وآله) أريد الاسلام فأمرني أن اغتسل وروي عن سعد بن معاذ وأسيد بن حسين أراد الاسلام انهما سألا مصعب بن عمر وأسعد بن زرارة كيف تصنعون إذا دخلتم في هذا الامر قالا نغتسل ونشهد شهادة الحق وذلك يدل على استفاضة الامر بالغسل ولا موجب إلا ما ذكرناه.
[الحادي عشر] حكم المرتد حكم الكافر في وجوب الغسل عليه وهو مذهب علمائنا أجمع لوجود السبب في حقه. [الثاني عشر] لا يبطل الغسل بالارتداد.