حقيقة تخللت أجزاء الثوب فلا يزول إلا بالدلك والعصر بخلاف صورة النزاع قوله هو فعل قلنا مسلم لكنه غير مقصود لذاته بل المقصود الطهارة وقد حصلت سلمنا لكن تمكين اليدين من الماء وتقريبه إليه فعل فخرج به عن العهدة بدون الدلك. [الخامس] الغسل بصاع فما زاد مستحب عند علمائنا أجمع وهو اختيار الشافعي وأحمد وإحدى الروايتين عن أبي حنيفة وفي الأخرى لا يجزي أقل من صاع وروي عن محمد أنه قال لا يمكن للمغتسل أن يعم جميع بدنه بأقل من صاع ولا للمتوضى أن يسبغ أعضاء وضوئه بأقل من مد. لنا: قوله تعالى: (حتى يغتسلوا) وقد أتى به فثبت الاجزاء وما رواه الجمهور عن عائشة أنها كانت تغتسل هي والنبي (صلى الله عليه وآله) من إناء واحد تسع ثلاثة أمداد وقريبا من ذلك ومن طريق الخاصة رواية زرارة عن الباقر (عليه السلام) قال: الجنب ما جرى عليه الماء من جسده قليله وكثيره فقد أجزأه وفي الصحيح عن محمد بن مسلم عن أحدهما (عليه السلام) قال النبي (صلى الله عليه وآله) يغتسل بخمسة أمداد بينه وبين مصاحبته ويغتسلان جميعا من إناء واحد احتج أبو حنيفة بما رواه عن رسول الله (صلى الله عليه وآله) قال يجزي من الوضوء مد ومن الجنابة صاع والتقدير يدل على أنه لا يحصل الاجزاء بدونه والجواب: أنه إنما يدل بالمفهوم وأبو حنيفة لا يقول به ومع ذلك فإن المفهوم إنما يدل إذا لم يخرج مخرج الغالب فإنه لا يكفي غالبا أقل منه ولان ما ذكرناه من الحديث في الجنابة منطوق وما ذكروه مفهوم والمنطوق مقدم وأما الوضوء فقد روى عبد الله بن زيد أن النبي (صلى الله عليه وآله) توضى بثلثي مد وهو يعارض حديث الوضوء وأما استحباب الصاع فلان فيه إسباغا ولما رواه الشيخ في الصحيح عن زرارة عن أبي جعفر (عليه السلام) قال كان رسول الله (صلى الله عليه وآله) يتوضى بمد ويغتسل بصاع والمد رطل ونصف والصاع ستة أرطال قال الشيخ أراد به أرطال المدينة فيكون تسعة أرطال بالعراقي. فروع: [الأول] لا نعرف خلافا بين علماء الاسلام في إجزاء المد في الوضوء والصاع في الغسل وإنما الخلاف في قدرهما فالذي اختاره أصحابنا أن الصاع أربعة أمداد والمد رطلان وربع بوزن بغداد وروى الشيخ عن سليمان بن حفص المروزي عن أبي الحسن (عليه السلام) أن الصاع خمسة أمداد والمد وزن مأتين وثمانين درهما والدرهم وزن ستة دوانيق والدانق ست حبات والحبة وزن حبتين من شعير من أوسط الحب لا من صغاره ولا كباره وروي عن سماعة قال كان الصاع على عهد الرسول (صلى الله عليه وآله) خمسة أمداد والمد قدر رطل وثلاثة أواق وروي في الصحيح عن زرارة عن أبي جعفر (عليه السلام) قال كان رسول الله (صلى الله عليه وآله) يتوضأ بمد ويغتسل بصاع والمد رطل ونصف والصاع ستة أرطال قال الشيخ أراد به أرطال المدينة فاستدل في الخلاف بإجماع الفرقة على كون الصاع تسعة والمد رطلين وربعا وقال الشافعي ومالك وإسحاق وأبو يوسف الصاع خمسة أرطال بالعراقي والمد ربع ذلك وهو رطل وثلاث واختاره أحمد وقال أبو حنيفة الصاع ثمانية أرطال والمد رطلان. [الثاني] لو زاد على المد في الوضوء والصاع في الغسل جاز ولا نعرف فيه خلافا بين أهل العلم وروت عائشة قال كنت اغتسل أنا والنبي (صلى الله عليه وآله) من إناء واحد من قدح يقال له الفرق والفرق ثلاثة إصبع ولان فيه احتياطا فكان سائغا. [الثالث] المد الذي للوضوء غير الصاع بل الصاع الذي للغسل وحده أربعة أمداد وهو قول بعض الحنيفة وقال آخرون منهم معنى قوله كان يتوضى بالمد ويغتسل بالصاع أي يتوضأ بمد في ذلك بالصاع فبقيت الصاع بثلاثة أمداد وليس بجيد لان اللفظ دال على الاغتسال بالصاع وإن ثلاثة أمداد بعض الصاع لا نفسه ولأنه سيظهر إن شاء الله تعالى أن لا وضوء مع غسل الجنابة فسقط ما قالوه بالكلية. [الرابع] الصاع وحده كاف في الاستنجاء منه وغسل الذراعين والغسل لما رواه الشيخ في الصحيح عن محمد بن مسلم وأبي بصير عن أبي جعفر (عليه السلام) وأبي عبد الله (عليه السلام) قالا توضأ رسول الله (صلى الله عليه وآله) واغتسل بصاع ثم قال اغتسل هو وزوجته بخمسة أمداد من إناء واحد قال زرارة فقلت كيف صنع هو قال: بدأ هو فضرب بيده في الماء قبلها و انقى فرجه ثم ضربت فأنقت فرجها ثم أفاض هو وأفاضت هي على نفسها حتى فرغا فكان الذي اغتسل به رسول الله (صلى الله عليه وآله) ثلاثة أمداد والذي اغتسلت به مدين وإنما أجزأ عنهما لأنهما افترقا جميعا ومن انفراد بالغسل وحده فلا بد له من صاع ولا شك أن التقدير لم يحصل بعد الاغتسال بل قبله وذلك يستلزم إدخال المستعمل في غسل الفرجين في المقدار لا يقال هذا يدل على عدم إجزاء لما دون الصاع لأنا نقول ذلك من حيث المفهوم فلا يعارض ما قدمناه من المنطوق ولأنه خرج مخرج الأغلب فلا يدل على النفي قال أبو حنيفة يستنجي برطل ويغسل وجهه وذراعيه برطل ويصب الماء على رأسه وسائر جسده خمسة أرطال ويغسل قدميه برطل فذلك ثمانية أرطال وهي صاع وقال بعض أصحابه يتوضى بمد سوى الاستنجاء ويغتسل بصاع غير الاستنجاء أيضا. [الخامس] يستحب الدعاء روى الشيخ عن عمار الساباطي قال قال أبو عبد الله (عليه السلام) إذا اغتسلت من جنابة فقل:
" اللهم طهر قلبي وتقبل سعيي واجعل ما عندك خيرا لي اللهم اجعلني من التوابين واجعلني من المتطهرين " فإذا اغتسلت من الجمعة فقل " اللهم طهر قلبي من كل آفة يمحو ديني ويبطل عملي اللهم اجعلني من التوابين واجعلني من المتطهرين. [البحث الثالث] في أحكام الجنب. * مسألة: يحرم عليه قراءة العزائم الأربع وهي سورة لقمان وحم سجدة والنجم واقرأ باسم ربك وهو مذهب علمائنا أجمع وهو قول عمر والحسن والنخعي والزهري وقتادة والشافعي وأصحاب الرأي خلافا لداود وسعيد بن المسيب فإنهما أجازا له قراءة ما شاء. لنا: على إبطال قول داود وسعيد ما رواه الجمهور عن علي (عليه السلام) قال إن النبي (صلى الله عليه وآله) لم يكن يحجبه أو قال يحجزه عن قراءة القرآن شئ سوى الجنابة وعن ابن عمر ان النبي (صلى الله عليه وآله) قال لا تقرأ الحائض ولا الجنب شئ من القرآن وعلى تحريم السور الأربع ما رواه الشيخ في الحسن عن محمد بن مسلم قال قال أبو جعفر (عليه السلام) الجنب والحائض يفتحان المصحف من وراء الثوب ويقرءان