في المسجد فقال وجهوا هذا البيوت عن المسجد فإني لا أحل المسجد لحائض ولا جنب ومن طريق الخاصة ما رواه الشيخ في الحسن عن جميل قال سألت أبا عبد (عليه السلام) عن الجنب يجلس في المساجد قال: لا ولكن يمر فيها كلها إلا المسجد الحرام ومسجد الرسول (صلى الله عليه وآله) وما رواه في الحسن عن محمد بن مسلم عن أبي جعفر (عليه السلام) ويدخلان المسجد ولا يقعدان فيه أصل الاستثناء من النفي إثبات لان الاستثناء رفع ورفع النفي إثبات لعدم الواسطة ولأنه لولا ذلك لم يكن قولنا لا إله إلا الله توحيدا وللنقل وقوله لا صلاة إلا بطهور وشبهه ليس مخرجا من المتقدم وإلا لكان منقطعا فالتقدير ألا صلاة بطهور وهو مسلم. فروع: [الأول] يجوز الاجتياز في المسجد لا للاستيطان وهو مذهب علمائنا أجمع وبه قال ابن مسعود وابن عباس و ابن المسيب وابن جبير والحسن ومالك والشافعي وأحمد وقال أبو حنيفة لا يجوز العبور فيه وإن كان لغرض إلا مع الضرورة فيتيمم وبه قال الثوري و إسحاق. لنا: قوله تعالى: (إلا عابري سبيل) والاستثناء من النهي إباحة وما رواه الجمهور عن عائشة ان رسول الله (صلى السلام عليه وآله) قال نهانا وان الخمرة من المسجد قالت إني حائض قال إن حيضك ليست في يدك ولا فرق بين الجنب والحائض في ذلك إجماعا وعن جابر قال كنا نمر في المسجد ونحن جنب وعن زيد بن أسلم قال أصحاب رسول الله (صلى الله عليه وآله) يمشون في المسجد وهم جنب ومن طريق الخاصة رواية جميل عن الصادق (عليه السلام) عن الجنب يجلس في المساجد قال لا ولكن يمر فيها كلها إلا المسجد الحرام ومسجد النبي (صلى الله عليه وآله) وكذا في رواية محمد بن مسلم عن أبي جعفر الباقر (عليه السلام) وقد تقدمنا. [الثاني] لا يجوز له وللحائض الدخول في المسجدين ولم يفصل الجمهور. لنا: ما رواه من قوله (عليه السلام) لا أحل المسجد لحائض ولا جنب وأشار بذلك إلى مسجده لان حكاية عائشة تدل عليه وذلك عام في الدخول والاستيطان ومن طريق الخاصة روايتا جميل ومحمد بن مسلم عنهما (عليهما السلام) وقد تقدمنا. [الثالث] لو احتلم في أحد المسجدين تيمم للخروج وهو مذهب علمائنا. لنا: ان المرور فيهما محرم إلا بالطهارة والغسل غير ممكن فوجب التيمم وما رواه الشيخ في الصحيح عن أبي حمزة قال قال أبو جعفر (عليه السلام) إذا كان الرجل نائما في المسجد الحرام ومسجد الرسول (صلى الله عليه وآله) فاحتلم فأصابته جنابة فليتيمم ولا يمر في المسجد إلا متيمما ولا بأس أن يمر في المساجد ولا يجلس في شئ من المساجد. تذنيب: الأجود أنه يجب عليه قصد أقرب الأبواب إليه لاندفاع الضرورة بذلك. [الرابع] لا يجوز له وضع شئ في المساجد مطلقا ويجوز له أخذ ما يريد منها وهو مذهب علمائنا إلا سلار فإنه كره الوضع. لنا: قوله تعالى: (إلا عابري سبيل) وما رواه الشيخ في الصحيح عن عبد الله بن سنان قال سألت أبا عبد الله (عليه السلام) عن الجنب والحيض يتناولان من المسجد المتاع يكون فيه قال نعم ولكن لا يصنعان في المسجد شيئا. [الخامس] لو خاف الجنب على نفسه أو ماله أو لم يمكنه الخروج من المسجد ولم يجد مكانا غيره ولم يمكنه الغسل تيمم وجلس فيه إلى أن يزول الضرورة وقال بعض الجمهور لا يتيمم. لنا: قوله تعالى: (فلم تجدوا ماء فتيمموا) وما رواه الجمهور عن علي (عليه السلام) وابن عباس وسعيد بن جبير ومجاهد والحسن بن مسلم في تأويل قوله تعالى: (إلا عابري سبيل) يعنى مسافرين لا تجدون ماء فتتيممون ولان الاستيطان مشروط بالطهارة فوجب له التيمم عند العجز كالصلاة وسائر ما شرط له الطهارة احتج المانع بأنه لا يرتفع حدثه مع التيمم فلا فائدة والجواب سلمنا أنه لا يرتفع لكنه يقوم مقام ما يرفع الحدث في إباحة ما يستباح به أصل إذا وجب الفعل أو حرمته إلى غاية معينة كان امتداد الحكم إلى غير تلك الغاية يخرجها عن كونه غاية وقد ثبتت الغاية بالشرع فيكون ذلك الاخراج نسخا بخلاف ما لو قال صوموا النهار ثم دل الدليل على صوم شئ من الليل لم يكن نسخا آخر لا يجوز نسخ المقطوع به قرآنا كان أو سنة متواترة بخبر الواحد لان المقطوع به أقوى فالعمل به متعين عند التعارض ولان عمر قال لا ندع كتاب ربنا وسنة نبينا بقول امرأة لا ندري أصدقت أم كذبت وهو موجود في خبر الثقة فيتحقق المنع والفرق بين التخصيص والنسخ ظاهر لان الأول لا يرفع المدلول بالكلية بخلاف الثاني ورجوع أهل قبا يحتمل أن يكون لا يتمم القرائن كالاعلان إلى خبر المنادى وانفاد الرسول الآحاد لتبليغ الاحكام المبتدأ والناسخة إنما يصح إذا لم يتضمن نسخ المقطوع أما إذا تضمن فلا بد من القرآن وتحريم النبي (صلى الله عليه وآله) أكل كل ذي ناب من السباع ليس ناسخا قوله تعالى لا أجد لان الآية إنما يتناول المومى إليه إلى تلك الغاية لا ما بعدها فالنهي الوارد بعدها لا يكون نسخا وقوله (عليه السلام) لا ينكح المرأة على عمتها وخالتها ليس ناسخا لقوله تعالى: (وأحل لكم ما وراء ذلكم) بل هو تخصيص على أن الأمة تلقيه بالقبول فيخرج عن كونه من الآحاد. السادس] لو توضى الجنب لم يجز له الاستيطان في المسجد وهو مذهب علمائنا القائلين بالتحريم وهو قول أكثر أهل العلم خلافا لأحمد وإسحاق. لنا: قوله تعالى: (حتى تغتسلوا) جعل الغاية في المنع الاغتسال فلو جوزنا له الاستيطان مع الوضوء خرجت الغاية عن كونها غاية وذلك نسخ لا يجوز بخبر الواحد ولان الجنابة حدث أكبر فلا يجري في استباحة الدخول معها أي المسجد الوضوء كالحائض وقد وافقنا أحمد وإسحاق في حكم الأصل فتيمم القياس احتجوا بما رواه زيد بن أسلم قال كان أصحاب رسول الله (صلى الله عليه وآله) يتحدثون في المسجد على غير وضوء وكان الرجل يكون جنبا فيتوضى ثم يدخل فيتحدث ولأنه إذا توضى خلف حكم الحدث فأشبه التيمم عند عدم الماء والدليل على الخفة أمره بالوضوء عند النوم وعند الأكل ومعاودة الوطء والجواب عن الأول بأنه غير محل النزاع لان الدخول غير الاستيطان فلما ذكرتموه لا ينهض في المطلوب والحدث لا يستلزمه أيضا لحصوله مع الامتياز وعن الثاني: بالمنع من الخفة فإن الوضوء لا اعتبار له البتة في رفع شئ من أحكام الجنابة والنوم والأكل والوطء لا يشترط فيها الطهارة ثم
(٨٨)