وذلك يقتضي العطف على لمحل فلا يكون مبعضا لأنا نقول لا منافاة بينهما لان التبعيض لما ثبت في الجر وجب تقديره في النصب وإلا لتنافت القراءتان وتقدير عامل الجر مع النصب غير ممتنع بخلاف الجر مع عدم تقديره ولأنه بفعل البعض يكون ممتثلا لصدق اسم المسح فيه فثبت الاجزاء ولما رواه الشيخ في الصحيح عن زرارة وبكير عن أبي جعفر (عليه السلام) في صفة وضوء رسول الله (صلى الله عليه وآله) قال فإذا مسح بشئ من رأسه أو من رجليه قدميه ما بين الكعبين إلى أطراف الأصابع فقد أجزأه لا يقال يعارض هذا ما رواه الشيخ في الصحيح عن أبي الحسن الرضا (عليه السلام) قال سألته عن المسح على القدمين كيف هو فوضع كفه على الأصابع فمسحها إلى الكعبين إلى ظاهر القدم فقلت جعلت فداك لو أن رجلا قال بإصبعين من أصابعه؟ فقال:
لا إلا بكفه وما رواه سماعة بن مهران عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: إذا توضأت فامسح قدميك ظاهرهما وباطنهما ثم قال هكذا فوضع يده على الكعب ووضع الأخرى على باطن قدميه ثم مسحهما إلى الأصابع لأنا نقول أما الأول: فمحمول على الاستحباب إذ لا ريب في المسح بأكثر من الا صبع فيحمل عليه جمعا بين الأدلة والنفي ها هنا كما في قوله (عليه السلام) لا صلاة لجار المسجد إلا في المسجد وأما الثاني فلا تعويل عليه إذ الرواة فطحية فسقط بالكلية وأيضا لو وجب استيعاب المسح لزم خرق الاجماع لان الناس قائلان منهم من أوجب المسح ولم يو جب الاستيعاب ومنهم من لم يوجب فقال بالاستيعاب فلو قلنا بوجوب الاستيعاب مع وجوب المسح كان ذلك خرقا للاجماع واعلم أن المحققين من الأصوليين قالوا إن القول الثالث إنما يكون باطلا إذا تضمن إيصال ما أجمعوا عليه كحرمان الجد مع الأخ قال بعضهم بالمقاسمة والآخرون بحرمان الأخ إذا لم يتضمن وها هنا من قبل القسم الأول فإن القائل بالغسل والمسح اتفقوا على نفي وجوب مسح الجميع فالقول بوجوبه قول ببطلان المتفق عليه. مسألة: ذهب علماؤنا إلى أن الكعبين هما العظمان النابتان في وسط القدم وهما معقد الشراك وبه قال محمد بن الحسن من الجمهور وخالف الباقون فيه وقالوا إن الكعبين هما النابتان في جانبي الساق وهما المسميان بالطنابيب. لنا: وجوه، {أحدها} قوله تعالى: (إلى الكعبين) تدل على أن في الرجلين كعبين لا غير ولو أراد ما ذكروه لكانت كعاب الرجل أربعة فإن لكل قدم كعبين. {الثاني} ما رواه الشيخ في الصحيح عن زرارة وبكير بن أعين عن أبي جعفر (عليه السلام) في وضوء رسول الله (صلى الله عليه وآله) إلى قوله: قلنا أصلحك الله فأين الكعبان؟ قال: هنا يعني المفصل وما رواه عن ميسرة عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: الوضوء واحد ووصف الكعب في ظهر القدم وما رواه عن ميسرة عن أبي جعفر (عليه السلام) في صفة وضوء رسول الله (صلى الله عليه وآله) ثم وضع يده على ظهر القدم ثم قال هذا هو الكعب قال وأومى بيده إلى أسفل العرقوب ثم قال إن هذا هو الطنبوب. {الثالث} التمسك بالاجماع فنقول القول بوجوب المسح مع أن الكعب غير ما ذكرناه منفي بالاجماع أما عندنا فلثبوت الامرين وأما عند الخصم فلانتفائهما معا احتج المخالف بقوله تعالى: (وأرجلكم إلى الكعبين) أراد كل رجل يغسل إلى الكعبين إذ لو أراد جمع كعاب الأرجل لقال إلى الكعاب كالمرافق ولما روى أنس أن رسول الله (صلى الله عليه وآله) كان في سوق ذي المجاز عليه جبة حمراء وهو يقول: يا أيها الناس قولوا لا إله إلا الله تفلحوا ورجل تبعه يرميه بالحجارة حتى أدمى عرقوبيه وكعبيه فقيل من هو فقال عمه أبو لهب دل على أن الكعب في جانب القدم لان الرمية إذا كانت من وراء المرمي لم يصب ظهر قدمه وما رواه النعمان بن بشير أنه قال لتسوين صفوفكم أو لتخالفن الله بين قلوبكم فقال فلقد رأيت الرجل منا يلصق كعبه بكعب صاحبه ومنكبه بمنكبه فدل على أن الكعب في جانب القدم لامتناع الالصاق في ظهره ولان أبا عبيدة قال الكعب هو الذي في أصل القدم ينتهي الساق إليه بمنزلة كعاب القنا. والجواب عن الأول: أنه تعالى عنى رجلي كل واحد من المتطهرين ومعلوم قطعا أن في رجلين كعبين وهذا أولى فإن التكليف يتناول الرجلين معا فصرف الخطاب إلى المتعلق بهما أشبه ولا استبعاد في الجميع بالقياس إلى الجمع وفي التشبيه بالقياس إلى المكلف فالأول كالمرافق والثاني كالكعبين وعن الثاني: أنه لا استبعاد في إصابة الرامي ظهر قدمه فإنه ربما كان مع توليته عنه كان يقبل أحيانا عليه فتقبل إليه فيصيب المرمى ظهر قدمه فإنه ليس في الخبر أكثر من الاتباع وقد يتبع من يقبل بوجهه تارة ويعرض أخرى. وعن الثالث والرابع: أنهما دالان على تسمية غير ما ذكرناه بالكعب ولا منافاة ويجوز أن يكون ما ذكره النعمان وأبو عبيدة مذهبا فما نقلناه عن الباقر (ع) أولى. فروع: [الأول] قد يشبه عبارة علمائنا على بعض من لا مزيد تحصيل له في معنى الكعب والضابط فيه ما رواه زرارة في الصحيح عن الباقر (ع) قلنا أصلحك الله فأين الكعبان قال ها هنا يعني المفصل دون عظم الساق. [الثاني] يجوز المسح مقبلا ومدبرا. لنا: أنه قد امتثل الامر بالمسح ولما رواه الشيخ في الصحيح عن حماد بن عثمان عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: لا بأس بمسح القدمين مقبلا ومدبرا وروى يونس قال أخبرني من رأى أبا الحسن (ع) بمنى يمسح ظهر قدميه من أعلى القدم إلى الكعب ومن الكعب إلى أعلا القدمين. [الثالث] لا يجوز استيناف ماء جديد لما قلناه في مسح الرأس. [الرابع] لو كان على رجليه رطوبة غير ماء الوضوء ثم مسح بباقي النداوة على تلك الرطوبة فالوجه الاجزاء خلافا لوالدي (ره) لأنه أتى بالمسح ببقية النداوة ولم يستأنف للوضوء فأجزأه عملا بالأصل وكذا لو كان في الماء فاخرج رجليه منه ومسح عليهما وفي الجميع نظر. [الخامس] يجب الانتهاء في المسح إلى الكعب لقوله (إلى الكعبين) وبدون الانتهاء لا تحصل الغاية وهل يجب إدخالهما في المسح قال بعض الأصحاب لا لما رواه زرارة وبكير عن أبي جعفر (عليه السلام) في صفة وضوء رسول الله (صلى الله عليه وآله) قال: فإذا مسح بشئ من رأسه أو بشئ من قدميه ما بين الكعبين إلى آخر أطراف الأصابع فقد أجزأه فالوجه عندي الدخول لقوله تعالى: (إلى الكعبين)