وقال ليث بن سعد وربيعة يمسح على الخفين إلى أن نزعهما ولم يفرقا بين المسافر والحاضر وهو قول الشعبي وقال داود ويمسح المسافر بخمسة عشرة صلاة والمقيم بخمسة واختلفوا في ابتداء المدة وقال الشافعي من حين يحدث اللابس للخفين فإذا تطهر المقيم بغسل أو وضوء ثم أدخل رجليه الخفين وهما طاهران ثم أحدث فإنه يمسح عليهما من وقت ما أحدث يوم وليلة فقال الأوزاعي وأحمد وأبو ثور وداود وابتدأ المدة من حين يمسح على الخفين. لنا: أنها طهارة ضرورية فتقدرت بقدرها واحتجوا بما رواه عن النبي (صلى الله عليه وآله) أنه جعل ثلاثة أيام ولياليهن للمسافر ويوما وليلة للمقيم وقد مضى الجواب عنه قالوا إذا انقضت المدة بطلت الوضوء وليس له المسح عليهما إلا بعد النزع واللبس على طهارة كاملة وقال الحسن لا يبطل الوضوء إلا بحدث ثم لا يمسح بعد حتى نزعها وقال داود ينزع خفيه ولا يصل فيهما فإذا نزعهما صلى حتى يحدث لان الطهارة لا تبطل إلا بحدث والنزع والانقضاء ليسا بحدث ولو خلع قبل انقضاء المدة بعد المسح عليها بطل وضؤه في قول أحمد والزهري والأوزاعي وإسحاق وأحد قولي الشافعي وقال أبو حنيفة والثوري وأبو ثور والشافعي أيضا لا يبطل قال وقال مالك والليث بن سعد أنه يغسل قدميه مكانه فإن أخر ذلك استأنف الطهارة والأول أولى عندنا لأنها طهارة ضرورية وقد زالت ولان مسح الخفين ناب عن غسل الرجلين خاصة فطهورهما يبطل ما ناب عنه التيمم إذا بطل برؤية الماء وجب ما ناب عنه ولو نزع العمامة بعد المسح عليهما للضرورة عندنا فالوجه البطلان لما قلناه وهو قول القائلين بالبطلان في الخفين قالوا و لو نزع أحد الخفين فهو كنزعهما لأنهم كالعضو الواحد ولهذا لا يجب فيها الترتيب ولو انكشف بعض القدم من خرق فهو كنزع الخف أما لو انكشف الطهارة وبقيت البطانة لم يضر عندهم إبقاء الاستتار ولو أخرج رجله إلى ساق الخف ولم يظهر من القدم شئ فهو كحلقة عند أبي حنيفة خلافا للشافعي في الحديد احتج أبو حنيفة بأن الاستقرار شرط لجواز المسح بدليل ما لو أدخل الخف فأحدث قبل الاستقرار لم يكن له المسح حجة الشافعي عدم ظهور الرجل والثوري ومالك وأحمد وإسحاق وبعض الشافعية والشافعي في القديم وافقوا أبا حنيفة وكذا الأوزاعي.
[الثامن] قالوا لو سافر قبل المسح أتم مسح المسافر وابتدأ مدة المسح من حيث أحدث بعد لبس الخف عند الشافعي وأحمد وأبي حنيفة وفي رواية أخرى عن أحمد الابتداء من حين مسح بعد أن أحدث ولو أحدث مقيما ثم مسح مقيما ثم سافر أتم على مسح مقيم ثم خلع على القول الشافعي وأحمد وإسحاق وقال أبو حنيفة والثوري يمسح مسح المسافر سواء مسح في الحضر لصلاة أو أكثر بعد أن لا ينقضي مدة المسح وهو حاضر لأنه مسافر قبل الاكمال فأشبه ما لو سافر قبل الشروع ولو مسح مسافر أقل من يوم وليلة ثم قام وأقدم وأتم على مسح مقيم وخلع قاله أبو حنيفة والشافعي وإذا مسح مسافر يوم وليلة فصاعدا ثم أقام أو قدم خلع لأنه صار مقيما فلم يترخص برخص المسافر ولان المسح عبادة يخلف سفرا وحضرا فإذا ابتدأها في السفر ثم حضر في أثنائها غلب حكم الحضر كالصلاة. [التاسع] قالوا مما يجوز المسح على ما يكون ساتر المحل الفرض لما يرى منه الكعبان ولا شئ من القدم لصفة أو كونه مشدودا يمكن متابعة المشي فيه ولو كان مقطوعا ذوي الكعبين لم يجز المسح عليه عند الشافعي في الحديد وبه قال الحسن بن صالح وقال الشافعي في القديم يجوز المسح عليه إذا أمكن متابعة المشي عليه وبه قال إسحاق وأبو ثور وداود وقال مالك والأوزاعي إن كثر الخرق وتفاحش لم يجز وبه قال الليث بن سعيد وقال أبو حنيفة إن يخرق قدر ثلاث أصابع لم يجز وإن كان أقل جاز قال أبو يوسف قلت لأبي حنيفة من أين أخذت هذا قال الثلاث أكثر الأصابع واحتج مالك والأوزاعي بأنه خف يمكن متابعة المشي فيه فأشبه الساتر ولان الغالب على خفاف العرب التخريق واتفقوا على أنه لا يجوز المسح على اللفافة والخرق ولا فرق في الجواز بين ما يكون من جلد أو لبد أو غيرهما وفي الخشب والحديد قولان أقربهما عندهم الجواز ولو كان محرما كالحرير لم يترخص بالمسح لعصيانه فلم يستبح به الرخصة كما لا يترخص المسافر سفر المعصية. [العاشر] قالوا أيجوز المسح على الجوربين بالشرطين الستر وإمكان متابعة المشي سواء كنا منعلين أولا وهو اختيار أحمد والحسن بن صالح وإسحاق ويعقوب ومحمد وقال أبو حنيفة ومالك والشافعي لا يجوز المسح عليهما إلا أن ينعلا ولو كان الجورب لا يثبت بنفسه ويثبت بلبس النعل أبيح المسح عليه وينقضي الطهارة بخلع النعل لان ثبوته أحد شرطي الجواز وإنما يحصل بالنعل ومع الخلع يزول الشرط فتبطل الطهارة كما لو ظهر القدم. [الحادي عشر] مذهب أبي حنيفة وأحمد أن المسنون في المسح أن يضع يده على موضع الأصابع ثم يجرها إلى ساقه خطا بأصابعه ويجوز العكس قالوا ولا بأس مسح أسفله ولا عقبه وبه قال الثوري وداود والأوزاعي لما رووه عن علي (عليه السلام) أنه قال لو كان الدين بالرأي لكان أسفل الخفين أولى بالمسح من ظاهره ولان باطنه ليس بمحل لفرض المسح فلم يكن محلا لمسنونه كالساق ولان مسحه غير واجب ولا يكاد مسلم؟ من مباشرة إذا فيه تنجيس يده به فكان تركه أولى وقال الشافعي ومالك السنة مسح الظاهر والباطن أعني أعلى الخف وأسفله وبه قال عبد الله بن عمر وعمر بن عبد العزيز والزهري وابن المبارك وراهويه لما رواه مغيرة بن شعبة قال وضأ رسول الله (صلى الله عليه وآله) فمسح على الخف وأسفله وهذا الحديث قد طعن فيه الترمذي وقال إنه معلول قال وسألت أبا زرعة ومحمدا عنه فقال ليس بصحيح وقال أحمد وروى هذا الحديث رجا بن حبوة عن دواد كاتب المغيرة فلم يلقه. [الثاني عشر] قال الشافعي والمجزي ما وقع عليه اسم المسح وهو قولنا في محل الضرورة لان الطلق المسح ولم يقدره فوجب الرجوع إلى ما يتناوله الاسم وقال أبو حنيفة يجزيه قدر ثلاث أصابع لقول الحسن سنة المسح خلط بالأصابع فينصرف إلى سنة رسول الله (صلى الله عليه وآله) وأقل الجمع ثلاث وهو ضعيف وقال زفر: إن مسح بإصبع واحدة